نداء الوطن – زينة عبود
كم سيُفاجأ الشعب اللبناني إذا التزمت دولته بإجراء الاستحقاقات، على أنواعها، في موعدها المحدّد بعدما اعتادت سياسة التأجيل فأصبحت هي القاعدة لا الاستثناء، ليكون لسان حال اللبناني عشية كل استحقاق ديموقراطي “يلا بكرا بيأجّلوا”..
هذا ما حصل تماماً في ما خص انتخابات نقابة أطباء لبنان المقررة في الثالث والعشرين من أيار المقبل لاختيار ثمانية أعضاء جدد لمجلس النقابة، علماً أن هذا الاستحقاق أرجئ في وقت سابق حينما كان يُفترض أن يتمّ انتخاب اربعة أعضاء جدد للمجلس.
ومن باب الواقع الوبائي الحرج الذي تعاني منه البلاد في ضوء المسار التصاعدي لتفشي فيروس كورونا، انطلقت رئاسة مجلس الوزراء وراسلت نقابة الأطباء طالبة منها إلغاء الانتخابات المستحقة في ايار مراعاة للأوضاع الصحية. هذه الخطوة أثارت موجة اعتراضات في صفوف الأطباء الذين رفضوا تأجيل الاستحقاق الديموقراطي بذريعة جائحة كورونا خصوصاً وأنّ حملة التلقيح ضد الوباء مستمرة حيث تمّ تلقيح ما يقارب تسعين بالمئة من الأطباء.
من هنا كان تأكيد نقيب الأطباء شرف ابو شرف لـ”نداء الوطن” أنّ الانتخابات بالنسبة اليه قائمة في موعدها المحدد، كاشفاً عن إرساله كتاب اعتراض الى رئاسة مجلس الوزراء ردّاً على طلب تأجيل الانتخابات مؤكداً اتخاذ كل الإجراءات الوقائية واحترام التباعد الاجتماعي وبالتالي لا مبرّر لإرجاء الاستحقاق إلا إذا ظهرت قوة قاهرة في حينه.
ورداً على الكلام عن رائحة فساد تفوح من داخل النقابة، أوضح أبو شرف أن “النقابة شهدت في الآونة الأخيرة تقدماً على صعيد تفعيل المكننة وإجراء تدقيق مالي شفاف وتطوير الدائرة القانونية وتمكنت من القيام بعمل كبير متراكم منذ عشرات السنوات، وبعدما أنجزت عملها تمّ تخفيض عدد الموظفين إضافة الى وقف التوظيف عموماً إلا في الحالات الضرورية التي ترفع مستوى الفعالية والكفاءة في النقابة ليكون الطبيب الاختصاصي في موقعه الصحيح”، داعياً “من لديه شبهات بملفات فساد في النقابة الى تسمية الأمور بأسمائها والابتعاد عن العناوين الفضفاضة لغايات سياسية انتخابية بحتة”.
إصرار النقيب ابو شرف على إجراء الانتخابات في موعدها يأتي معززاً بمواقف لمجموعات أطباء كهيئة “القمصان البيض” التي رأى أحد أبرز مؤسسيها الدكتور جورج غانم لـ”نداء الوطن” أن “جائحة كورونا ليست عذراً مقنعاً لتأجيل استحقاق ديموقراطي على مستوى النقابات لأن قسماً كبيراً من الأطباء تلقى اللقاح وبات محمياً بالاستناد الى الدراسات ذات الصلة التي تثبت ان خطر كورونا يتلاشى مع ازدياد نسبة الملقحين”. وأمام هذا الواقع، أعرب غانم عن تخوّف أطباء “القمصان البيض” من أن “يكون هذا التأجيل مقدمة لتأجيل الاستحقاق الأكبر وهو الانتخابات النيابية المقبلة التي تشكل الباب الوحيد لتحقيق التغيير المطلوب على مستوى السلطة وتغيير المنظومة السياسية التي أوصلتنا الى هذه الحالة”.
غانم الذي لم ينف “احتمال وجود فساد داخل النقابة على غرار كل مفاصل وإدارات الدولة”، استبعد أن “يكون هذا الفساد هو الذي يحول دون إجراء الانتخابات، إنما هناك تحضير لجو عام في البلد لتأجيل كل ما يعنى بالانتخابات ونسف مبادئ الديموقراطية التي يتغنى بها المجتمع المدني بما يحاكي إرادة التغيير لدى الشعب اللبناني”، وقال “هناك خوف ومحاولة للجم الأمور بشكل غير ديموقراطي وهذا ما ننبّه منه”.
توازياً أيضاً، كان “للتجمع الطبي الاجتماعي” بيان رافض لتأجيل أو إلغاء انتخابات نقابة الاطباء تحت ذريعة غير منطقية، بحيث قال رئيس التجمع رائف رضا إن “الاكثرية الساحقة من الأطباء تلقت اللقاح ضد كورونا، أي أن المناعة لديها قوية وتضع الكمامات، فلا داعي للهلع والتسويق لالغائها”. ولزيادة الاطمئنان، نصح رضا “بعدم حصر عملية الاقتراع في بيت الطبيب بل فتح كل فروع النقابة في المناطق لتخفيف الازدحام ومراعاة التباعد الجسدي”.