يقول المثل: «كذب المنجمون ولو صدقوا». انطلاقاً من هذه المقولة يمكن التأسيس على الكثير من المواقف والتصريحات التي باتت تملأ الشاشات ومنصات التواصل حول مستقبل المواجهات العسكرية بين المقاومة والجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة.
ومع ان منسوب الإحباط لدى الكيان الإسرائيلي المهزوم والمأزوم في حربه على غزة، في حالة ازدياد، إلّا ان هناك من يعمل على رفع معنوياته بقصد أو بغير قصد، ليتحدث عن حرب شاملة لا تبقي حالا على حاله، في محاولة لاحباط عزيمة اللبنانيين وخاصة تلك البعيدة عن الحافة الأمامية، مع إطلاق أول رصاصة من قبل «حزب الله» في مسار الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني في حربه مع الاحتلال في غزة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي (أكتوبر)، لا تجد يوما إلّا ويحمل معه جملة من المحللين والسياسيين والإعلاميين يدلون بمواقف من شأنها الترويج لحرب قادمة وواسعة ومدمرة على لبنان، وكأن هؤلاء باتوا يخوضون حربا سياسية بالوكالة عن كيان عاجز ومربك؛ والغاية بث الإحباط وتوهين عزائم اللبنانيين للضغط على خيار المقاومة بالتخلّي عن إسناد غزة كمقدمة للتخلّي عن القضية الفلسطينية. هذا الحديث يتقدّم في لبنان وخارجه على الحرب التي لم تتعدد مسمياتها فحسب، بين شاملة وإقليمية وواسعة، ولكن تعددت أيضا المواعيد التي ضربت لها، ربطا بارتفاع أسهمها أو انخفاضها وفقاً للظروف المحيطة بها في المنطقة ككل ولبنان على وجه الخصوص.
جاء رد المقاومة بما لا يدع للشك مكانا في قدرة المقاومة التي ضربت عبر مسيّراتها الهجومية هدفين استراتيجيين في شمال «تل أبيب» ليطلّ أمين عام حزب الله محللا وشارحا أبعاد وأهمية رد الأربعين كما سمّاه الذي قامت به المقاومة رداً على اغتيال قائدها العسكري فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، وسط إرباك بدا واضحا لدى الكيان الإسرائيلي الذي استبق الرد بما سمّاه ضربة استباقية عبر عشرات الغارات الجوية تحت عنوان «سلامة تل أبيب» فيما بقيت طبول الحرب التي يقرعها المتزلفون حسب كلام نصرالله قائمة.
وفي وقت لم تصدق المواعيد التي ضربت للحرب الواسعة لم يصدق مروّجوها حتى أنفسهم فإذا بالنغمة التهويلية تعود مجددا لتتصاعد بشكل لافت هذه الأيام، لتتقاطع العديد منها مع الجهات الخارجية على الجزم بأنّ الحرب باتت أقرب من أي وقت مضى، حتى إنّ بعض هؤلاء ذهب بعيدا لتحديد تواريخ وحتى ساعة الصفر لهذه الحرب، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر النائب مروان حمادة، الذي قال في حديث متلفز ان الحرب واقعة خلال أيام، إن لم يكن ساعات.
المصدر : اللواء