لم تهدأ بعد الجبهة السياسية المفتوحة بين حزب الله و»القوات اللبنانية» على خلفية أحداث 14 تشرين، والتي استتبعت بمواقف حادة من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اتهمت «القوات» بالاعتداء على المتظاهرين، وتبعها مواقف لقيادات الحزب اتهمتها بالتآمر مع الخارج والسفارات، حيث تعتبر «القوات» ان هناك من يسعى الى تركيب ملف سياسي لها نظرا لتزايد شعبيتها في الوسط المسيحي على حساب قوى سياسية أخرى، وحيث سجل دخول لافت لبكركي نهاية الأسبوع على خط الأحداث من خلال عظة نارية بنكهة أمنية وقضائية باعلان البطريرك الراعي رفض تحويل «من دافع عن كرامته وأمن بيئته الى لقمة سائغة»، في إشارة واضحة لعملية استهداف يتم التحضير لها لأبناء عين الرمانة و»القوات»، كما تقول مصادر مسيحية، وكان لافتا ايضا لقاء البطريرك الراعي وقائد الجيش جوزف عون في التوقيت والمضمون عشية حصول توقيفات شملت عشرات الشبان المسيحيين من مناطق جبل لبنان واستدؤعاهم الى مديرية المخابرات.
فعلى الرغم من كل ما قيل عن ان اللقاء بين الراعي وعون كان مقررا قبل أحداث الطيونة، واعتبار اللقاء في السياق الطبيعي بين قائد الجيش ومرجعية دينية في ظل هواجس كبيرة، فان اللقاء يبقى له حيثيته وسط التطورات والأحداث الخطرة.
مع ذلك، تؤكد مصادر سياسية ان حضور قائد الجيش الى الصرح يمكن وضعه في السياق الطبيعي والتشاوري والعلاقة الجيدة بين بكركي والمؤسسة العسكرية، فكيف بالأحرى بعد أحداث الطيونة والخطر الذي حصل على تخوم منطقة عين الرمانة، ووسط ما يحكى عن استدعاء رئيس حزب «القوات» الى وزارة الدفاع.
وفق مصادر سياسية مطلعة، فان لدى بكركي هواجس كبيرة تتعلق بكل ما يتصل في موضوع التحقيق في جريمة مرفأ بيروت، والمنحى الذي تتجه فيه الأمور لوقف وتعطيل التحقيق، أضف الى ذلك فان استدعاء سمير جعجع معطوفا على توقيفات شملت «قواتيين» كانت سببا اضافيا او أحد الأطباق السياسية على هامش اللقاء، اذا تتمنى بكركي ان يحترم التحقيق مع الموقوفين حقوق الأنسان بعيدا عن الترهيب والترغيب، وترك العدالة تأخذ مجراها في أجواء طبيعية.
وفق شخصيات مسيحية مطلعة، فان بكركي تتطلع الى استدعاءات شاملة لا تقتصر على شخص رئيس «القوات» فقط، كما ترفض العودة الى مرحلة اضطهاد المسيحيين.
جولة أفق عامة سادت في اللقاء بين الراعي وقائد الجيش تضمنت ثناء على دور المؤسسة العسكرية في منع الفلتان الأمني، حيث ترى بكركي ان يحصل الاحتكام الى الدولة وان يكون التحقيق مع المعتدي وليس مع المعتدى عليه.
تطرح بكركي كما تقول المصادر مجموعة «لاءات» تتضمن عدم تسييس التحقيق في قضية الطيونة والعودة الى زمن تركيب الملفات، كما تضع «لا» للمقايضة بين رأس «القوات» ونسف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
هواجس كثيرة لدى بكركي تتعلق بالتعاطي بسواسية مع القضايا ومخاوف من الانزلاق نحو وضع دراماتيكي ومنزلقات خطرة.