لم تكذب المياه الغطاسين، فصدقت النبوءات و»طار» الاستحقاق الانتخابي البلدي والاختياري، لينضم الى سلفه الرئاسي، بعدما تعوّد اللبنانيون ان لا يغيروا «عادتهم كي لا تقل سعادتهم»، طالما ان الامور مرتبطة باعادة استنهاض المنظومة الحاكمة لنفسها، واستنساخ ماضيها، وهو ما سبق وحذرت منه البعثة الاوروبية التي زارت لبنان.
فوفقا لنواب الامة، كل الاجراءات اللوجستية الضرورية لاتمام هذا الاستحقاق متعثر تأمينها، لاسباب كثيرة سياسية ومالية، علما ان الكثير من الاحزاب والشخصيات كانت باشرت بحملاتها وترشيحاتها، رغم يقينها من ان ما كان يدور من اتصالات ومفاوضات فوق الطاولة، يختلف تماما عما كان يجري من تحتها.
مصادر مواكبة للاستحقاق اكدت بان الغموض يدور حول الاجراءات التي سيعتمدها وزير الداخلية والبلديات، الذي اعلن صراحة انه لن يقبل بان يكون «كبش فداء» الثنائي بري – ميقاتي، الذي جمعه تطيير الاستحقاق بعدما فرّقه تغيير الساعة، علما ان الادارات التي ستنتج عن الانتخابات تابعة لوصايته.
اوساط مطلعة، اشارت الى ان اي جلسة عامة لاقرار مشروع التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لن تكون سهلة الانعقاد، في ظل الانقسام السائد والمواقف من عدم حضور اي جلسات تشريعية ما لم ينتخب رئيس للجمهورية، وعليه كيف سيتم التعامل مع الوضع في حال تعذر التمديد؟
تقول الاوساط ان المسائل في لبنان كلها وجهات نظر، والمطالعات القانونية لتبرير المخالفات «غب الطلب» وجاهزة وفقا لاهواء الجهات المعدة لصالحهم، خصوصا ان المراجعات عادة امام القضاء المعني لا «تقدم ولا تؤخر» في النتيجة، في دولة ما عاد القانون فيها حكما.
ورأت الاوساط اننا سنكون امام حلين:
- اما استلام القائمقامين للبلديات، وفقا لما يقوله القانون بانه في حال استقالة المجلس البلدي واعتباره غير موجود يتولى القائمقام او المحافظ البلدية، وفي ذلك مخرج منطقي.
- اعتبار ان البلديات بمثابة مرافق عامة، وتحت شعار تأمين سير المرفق العام، تصدر قرارات عن وزير الداخلية والبلديات تقضي بتمديد عملها الى ان تجري الانتخابات مهما طال الوقت او قصر، وهو اجراء يمكن الطعن به امام القضاء الاداري، دون ان يعني ذلك ضرورة ابطاله او حتى تنفيذ حكمه.
الا ان المشكلة الاهم تبقى في مسألة المخاتير، وهي مسألة حيوية، ذلك انها ترتبط عمليا بحياة الموطنين اليومية، من ولادات ووفيات واصدار الوثائق الثبوتية وغيرها، وهي مسائل تحتاج بدورها الى حل وفقا للاوساط ، اذ لا يمكن ادخال البلاد في صراع قانوني حول هذه الاختصاصات.
اذا تبدو الامور معقدة بشكل كبير، وان الحلول تتجه دوما لان تكون على حساب القانون، رغم ان ثمة مَن يعتبر ان الامر كل الامر هو في محاولات وضع اليد على اموال الصندوق البلدي المستقل من قبل الدول، مقابل مَن يرى ان ثمة من يرغب في الحد من التدخل الخارجي عبر البلديات التي ابرمت اتفاقات تنموية مع منظمات غير حكومية، تسود شبهات حول ادوارها.
فهل تقلب جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء التوازنات، فتؤمن المطلوب لانجاز الاستحقاق، من خلال صندوق «الباسبورات» كما سرب؟ ام «تصدق» نتائج جلسة اللجان العامة، فيتقاسم المجلسان بالتكافل والتضامن نتائج الانجاز الجديد في اسقاط ما تبقى من دولة؟ وهل ستسلم الاحزاب المتضررة بخسارتها؟