تحت عنوان “ورقة الاولويات الرئاسية ” أعلن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل قبل ايام، مبادرته بخصوص الاستحقاق الرئاسي، مع التشديد على انّ الاولوية اليوم هي لانتخاب رئيس للجمهورية، وتجنّب الفراغ في الرئاسة الاولى، ورفض اي حكومة لا تنال ثقة المجلس النيابي، لأنه لا يمكنها مواجهة المرحلة المقبلة، ملخصّاً “الورقة” بمجموعة نقاط، تناولت الشراكة والتوازن والميثاقية الوطنية في تكوين السلطات، على قاعدة الشراكة التامة والمتوازنة بين المسيحيين والمسلمين، واحترام السياسة الخارجية وتحييد لبنان عن النزاعات والصراعات.
وفي ما يخص معالجة الانهيار والوضع الاقتصادي المتدهور، وضع التيار الوطني الحر خطة متكاملة للتعافي المالي توحّد سعر الصرف، وتعيد هيكلة المصارف، تنص على استعادة الأموال، وتشمل التوزيع العادل للخسائر مع الحفاظ على حقوق المودعين خاصةً الصغار منهم، وإصلاح المالية العامة بإنهاء التدقيق في الحسابات المالية، وقطوعات الحسابات وفقاً للدستور، وبإقرار موازنات فعلية بأبعاد إقتصادية تنموية واجتماعية، مع معالجة التهرّب الضريبي، واصلاح النظام الجمركي، والحفاظ على استقلال القضاء.
وفي الاطار السياسي الداخلي، تشمل “الورقة ” عقد طاولة حوار وطني، لتطوير النظام استناداً الى تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، ومعالجة الثغر والاختلالات في الدستور، مع إقرار اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، وإلغاء الطائفية واقرار قانون مدني للأحوال الشخصية؛ وصولا الى الدولة المدنية.
هذه النقاط المختصرة ابرز ما جاء في مبادرة “التيار”، التي استهل باسيل جولته بها على بعبدا، حيث وضعها في متناول رئيس الجمهورية ميشال عون، ثم زار بكركي وأطلع البطريرك الماروني بشارة الراعي على بنودها، وتابع أخذ المواعيد من الكتل والاحزاب لطرحها عليهم، في محاولة لحل عقدة الاستحقاق الرئاسي والاتفاق على اسم موحّد، لكن ووفق المعلومات لم يلاق باسيل تشجيعاً بسبب ما اعتبرته بعض الكتل والاحزاب، أنّ الورقة اتت بعد استفاقة متأخرة جداً سبقت باسبوعين فترة إنتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس.
ورأت مصادر سياسية ان ورقة التيار اتت للفترة اللاحقة اي الفراغ الرئاسي الذي سيطول امده، وفق طرح باسيل ورقة تضّم مجموعة بنود، تحتاج الى فترة طويلة لدراستها وتبادل الحوار حولها وإعطاء الآراء، واشارت المصادر نقلاً عن بعض الكتل النيابية، الى انها تضّم شعارات لطالما وُضعت في البرامج الرئاسية لبعض المرشحين، وبالتالي فتنفيذ بنودها يقارب المستحيل، لانها لن تحظى بموافقة الاكثرية، خصوصاً اذا كان باسيل مَن وضعها ، بسبب الخلافات التي تجمعه مع الافرقاء السياسيين بنسبة 90 في المئة، اي انها وُلدت ميتة، ولا سبيل لإحيائها في جو سلبي تسوده الخلافات والتراكمات السياسية، واصفة إياها بمجموعة نقاط لن تقدّم ولن تؤخر، ولربما طرحها “لتبييض” صفحته، فيما المطلوب اليوم رئيس إنقاذي حيادي، كي نصل بعدها الى الاصلاح وتنفيذ ابرز تلك البنود، والمهم تلك الشخصية الرئاسية التي ستصل الى بعبدا، وتعرف تماماً كيفية إدارة البلاد، في ظل الازمات المتراكمة وكيفية الخروج منها، لانّ هذا هو المهم اولاً.
وفي هذا السياق، لم يلق باسيل حماسة لدى تكتل ” الجمهورية القوية “، التي ووفق المعلومات لم تعط موعداً للوفد العوني لزيارة معراب، اما “اللقاء الديموقراطي” فأشار الى تحديده موعداً لـ “التيار” قريباً، فضلاً عن انّ اكثرية الكتل تعتبر من الخصوم الرئيسيين لباسيل، خصوصاً “التنمية والتحرير” و” قوى التغيير” وبعض المستقلين والى ما هنالك، مما يعني ان باسيل قال كلمته وقام بواجباته تجاه الاستحقاق، في محاولة لتبرير نفسه في الداخل والخارج، كيلا تستمر الاقاويل ضده بأنه المعرقل الاول لكل الاستحقاقات، فلقي الاجواء السلبية لغاية اليوم.
ثمة مراقبون سياسيون يعتبرون أنّ مبادرة رئيس ” الوطني الحر” كانت لزوم ما لا يلزم، خصوصاً ان توقيتها مفاجئ، وسألوا: “ألم يكن باستطاعة باسيل وضع هذه المبادرة قيد التداول قبل هذه الفترة، ومحاولة جمع الافرقاء والتخفيف من الصدامات والتناحرات، التي لم تترك له صاحباً في السياسة؟