لم يتغير شيء منذُ تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، الحكومة « الإنقاذية « لم تنقذ الوطن ولا شعبه من الإنهيار الإقتصادي وحتى لم تحد منه، غلاءٌ متصاعدٌ في أسعار السلع والمواد الغذائية حتى الأساسية منها كالخبز، فالبعض لم يعد لديه القدرة على شرائه، ناهيك بارتفاعٍ جنوني لأسعار المحروقات بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، واستمرار العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا التي زادت الأمور تعقيداً وانعكست على الداخل اللبناني بشكلٍ كبير لناحية إرتفاع أسعار المحروقات، مما ألحق الضرر باللبنانيين كأفراد وعائلات، كما وسينعكس حتماً بشكلٍ سلبي على موازنة الدولة لجهة إنفاقها على الطاقة، أو لناحية إرتفاع أسعار القمح والزيت.
لا أموال من صندوق النقد الدولي بلا إصلاحات «نقطة عالسطر»، وفي المقابل لا نية لإجراء الإصلاحات في لبنان، فالسلطة والمنظومة الحاكمة ما زالت مصرة على عدم القيام بواجباتها والكشف عن السرقات والفساد الذي أوصل الوطن الى ما وصلَ اليه.
و حتى هذه الساعة، كل الأسئلة تتجه حول قدرة لبنان على المضي بالمفاوضات بلغة منسجمة مع الشروط المحددة والواضحة، التي تناسب خارطة الطريق التي وضعها صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة المالية، التي تضمنت إصلاحات في الموازنة لضمان استمرار تسديد الديون وإعادة بناء القطاع المالي وإصلاح الشركات العامة ومكافحة الفساد، علماً أن طبيعة الأزمة اللبنانية المعقدة وغير المسبوقة تتطلب برنامجاً شاملاً للإصلاحات الإقتصادية والمالية لتحقيق الإستقرار الإقتصادي ومواجهة الصعوبات المتجذرة التي لم تترجم حتى الآن في السياسة الملموسة، ما يعني أن لبنان الذي لم يتقدم خطوةً واحدةً الى الأمام، لن يُقدم له أي دعم مالي ما لم تبدأ الإصلاحات مباشرة، والتي من شأنها إخراجُ البلاد من الأزمة الإقتصادية الخانقة.
وتعتبرُ الحكومة اللبنانية أن صندوق النقد الدولي هو «خشبة الخلاص» للبنان واللبنانيين، حيث أظهر المجتمع الدولي استعداده لمساعدة لبنان على خطة التعافي التي أعلنتها الحكومة، والتي من شأنها أن تعزز الثقة التي تبذلها الحكومة لإنعاش الإقتصاد اللبناني المنهوك، لكن يبدو أن الصندوق الدولي أيضاً بدأ بتأخير أو تأجيل الإتفاق مع لبنان لأسباب عديدة:
- أولاً : تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا والتي انعكست سياسياً على العالم كله، وإقتصادياً على الأسواق العالمية، وارتفاع أسعار النفط والغاز.
- ثانياً: لا خطوط واضحة للتعافي الإقتصادي وضعت رغم الترويج لها من قبل الحكومة اللبنانية منذ كانون الثاني الماضي، وهذا دليلٌ قويٌ على عدم جهوزية الطرف اللبناني للتفاوض مع صندوق النقد الدولي.
- ثالثاً : إن التأخير أو التأجيل سببه أن الدول الكبرى المتصارعة الآن بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، هي من تأخد القرارات العالمية، وستؤثر حتماً في قرارات المؤسسات الدولية.
- رابعاً: مفاوضات فيينا بين أميركا و إيران حول الملف النووي الإيراني وتداعياتها على العالم ككل وعلى الشرق الأوسط ولبنان.
يبدو أن الحكومة اللبنانية تنتهجُ سياسة تمرير الوقت حتى موعد الإنتخابات البرلمانية اللبنانية المقررة في أيار المقبل، ووضوح المشهد الروسي الأوكراني، والإتفاق ما بين إيران وأميركا حول الملف النووي الإيراني، لكن ما بات مؤكداً أن الإعتلال كبير والوضع اللبناني ليس من أولويات الدول العظمى في هذه الفترة الحساسة والدقيقة، والأزمة الى تفاقم يوماً بعد يوم.