حتى ساعة متأخرة من مساء أمس كان الوسيطان القطري والمصري يجهدان لحل مسألة التأخير الذي طرأ على اكمال تنفيذ اتفاق الهدنة في غزّة، بسبب عدم التزام الاحتلال الإسرائيلي بتعهداته في إتفاق التبادل، لا سيما عدم إدخال العدد المتفق عليه من شاحنات المساعدات الغذائية والطبية والمحروقات إلى شمال القطاع والتلاعب بلائحة الأسرى الفلسطينيين.
وكاد التعثر أن يطيح بالهدنة لولا المساعي الحثيثة التي أفضت إلى حل الإشكال في الساعات الأخيرة، وهي مساعٍ كانت ترافقت مع ضغوط وتهديدات إسرائيلية بالعودة الى العمليات العسكرية إذا لم تفرج حماس عن الدفعة الثانية قبل حلول منتصف الليل، فيما الحركة بقيت على موقفها من مسألة إدخال المزيد من المساعدات. والى ذلك فإن الهدنة في يومها الثاني لم تخلُ من خروقات إسرائيلية خاصة في المناطق الشمالية لغزة حيث أطلقت الرصاص لمنع المواطنين من تفقد بيوتهم وأرزاقهم. وقد تبين حجم الدمار الكبير في هذه المناطق بفعل القصف والغارات الجوية طيلة خمسة وأربعين يوما.
وكما في غزة كذلك في جنوب لبنان، حيث استمرت الخروقات الإسرائيلية بإطلاق النار باتجاه مزارعين حاولوا تفقد أرزاقهم ومحاصيلهم فيما أصيبت آلية لقوات اليونيفل بهذه النيران.
أما في الضفة الغربية، فقد واصلت قوات الاحتلال اقتحاماتها لعدد من المدن والبلدات موقعةً عدد من الشهداء والجرحى، كما اعتقلت المزيد من الشبان الفلسطينيين.
وعلى الرغم مما اعترى اليوم الثاني من الهدنة من معوقات، توقعت مصادر أمنية لجريدة “الأنباء” الإلكترونية تمديد الهدنة أربعة أيام إضافية في حال مرت هذه الهدنة بسلام. وأشارت إلى أن قطر ومصر وروسيا والصين يعملون لإنجاح هذه المبادرة، والاتصالات مع الولايات المتحدة وإسرائيل لم تتوقف في هذا الشأن.
وفي الشأن السياسي اللبناني كان لافتا اللقاء الذي جرى أمس بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اسطنبول.
وقد أشارت مصادر سياسية عبر الأنباء الإلكترونية إلى أن الزيارات التي يقوم بها الرئيس ميقاتي لأكثر من دولة عربية وإقليمية، ولقاءاته مع قادة هذه الدول، تندرج ضمن إطار العمل على تحييد لبنان ومنع اسرائيل من جره الى حرب واسعة لا قدرة له على تحملها في هذه الظروف، بالإضافة الى مساعدته على التخلص من أزماته وفي مقدمها إنهاء أزمة الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جمهورية.
وتعليقاً على زيارة ميقاتي الى اسطنبول، لفت النائب السابق علي درويش في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية، إلى أن تركيا بلد مؤثر في المنطقة، وقد اتخذت مبادرات ايجابية لمساعدة لبنان عدة مرات، أكان ذلك على مستوى لبنان كدولة أو على مستوى مدينة طرابلس بالتحديد، ورئيس الحكومة يجري مروحة اتصالات لتشجيع تركيا لمساعدة لبنان وأن تقوم بدور إيجابي لإطالة الهدنة في غزة وانعكاسها على الوضع في الجنوب، وأن تساهم بمساعدة لبنان على غرار المساهمة الصينية بتقديمها مبلغ مليون دولار لإسعاف جرحى الاعتداءات الاسرائيلية على جنوب لبنان، لافتا إلى أن الصين كانت قدمت قبل مدة مبلغ 6 ملايين دولار لتركيب الطاقة الشمسية لكل مراكز اوجيرو في لبنان.
وأضاف درويش: “في ظل استمرار الحرب على لبنان كان لا بد من هذا اللقاء بين ميقاتي وأردوغان من أجل تشجيع تركيا على مساعدة لبنان من جهة، وإجراء قراءة للواقع على مستوى الشرق الأوسط وطرح حلول مستدامة ضمن صيغة دولية لتثبيت الهدنة”.
في موازاة ذلك، تحدثت المصادر السياسية عن عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان لمتابعة اتصالاته مع القوى السياسية وحثهم على انتخاب رئيس جمهورية والعمل على إعادة انتظام الحياة السياسية في لبنان، وهي فرصة لن تتكرر.
وبحسب المصادر فإن حظوظ قائد الجيش العماد جوزف عون للرئاسة هي الأوفر حظاً على الرغم من كل اللغط الذي يجري حوله، وأنه في حال نجاح المساعي لإنتخاب رئيس يصبح الأمر متاحا لتعيين قائد الجيش والمجلس العسكري ورئيس للأركان. وتعتقد المصادر ان حزب الله لن يعترض هذه المرة على ترشيح قائد الجيش للرئاسة، وقد يسعى لإقناع حليفه النائب جبران باسيل للقبول به.
بدوره درويش، اعتبر ان زيارة لودريان هي استكمال للمبادرة الفرنسية، متمنيا ان يحمل معه بعض الأفكار لإعادة وضع الملف الرئاسي على السكة السليمة.
ويبدو أنّ المساعي تسابق الزمن على كل المسارات علّها تنجح في تليين المواقف المتصلبة والدفع باتجاه حلول تحصن الداخل في مواجهة عواصف الخارج.