نضال العضايلة
تحية للمرأة اللبنانية التي استطاعت في 15 أيار أن تكون رقماً صعباً في معادلة مجلس النواب اللبناني، وقدمت انموذجاً يحتذى به ترسيخاً واقتراعاً، فزينت أقلام الإقتراع بحضورها البهي، فكانت على قدر المسؤولية.
ومن هنا فإني اتقدم بخالص التهنئة لكل سيدة لبنانية حرة قالت كلمتها في قلم اقتراع من الشمال إلى الجنوب مروراً بكل بقعة طيبة من ارض لبنان الحبيب.
لقد أكدت المرأة اللبنانية بشكل جلي أنها أيقونة الديمقراطية في 15 أيار، مثلما كانت زهرة الثورة الشعبية التي إنطلقت في 17 تشرين الأول، فجسدت عبر وعيها وثقافتها واحترامها لنفسها معايير خلاقة، بعد أن كانت مثاراً للتشكيك بكفاءتها وخبرتها السياسية والتعيير بالسلوك والحياة الشخصية كأسلوب ذكوري تقليدي من قبل أحزاب المنظومة الحاكمة لمواجهة أي وجه نسائي.
يتطلّب تحقيق المساواة الجندرية بين الجنسين نقل مطالب النساء وهمومهن إلى البرلمان، وهو ما ارتكزت إليه برامج السيدات اللواتي ترشحن لخوض غمار المنافسة في هذه الانتخابات، لتحديد مطالبهم التي تستوجب بشكل خاص إقدام النائبات والنواب المناصرين لقضايا حقوق النساء، عند وصولهم إلى الندوة البرلمانية، على اقتراح ودعم وإقرار إصلاحات تشريعية باتت ملحّة.
اليوم يمكن القول إن المرأة اللبنانية قد وضعت قدماً ثابته على طريق ضمان تمثيل المرأة الفاعل والهادف وقيادتها ومشاركتها في الحياة السياسية والعامة، ليس بوصول 8 سيدات إلى الندوة البرلمانية، وانما بزخم التعاطي مع الإنتخابات من قبل نساء لبنان.
لقد أحيت نساء لبنان كرنفال الانتخاب ومارسن طقوسه لإنتاج المجلس النيابي الـ 24 منذ إعلان دولة لبنان الكبير (1920) التي باتت بعد دستور 1926 الجمهورية اللبنانية، فمر نحو قرن من عهد الانتخاب في لبنان، وعلى الرغم من ذلك كانت المرأة خارج الإطار، وقد انتزعت الحركات النسائية الحق في الاقتراع، بعد تعديل قانون الانتخاب في 1953 نتيجة جهود استمرت لسنوات.
المرأة اللبنانية التي رسمت اليوم ملامح مرحلة جديدة من مراحل النضال الوطني، لم تدخل المجلس النيابي إلا نادراً، ففي 1963 انتخبت ميرنا البستاني خلفاً لوالدها إميل البستاني بعد وفاته، وبقيت في البرلمان لثمانية أشهر فقط، وفي 1991 عينت نائلة معوض خلفاً لزوجها النائب رينيه معوض الذي اغتيل في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 بعد 18 يوماً من انتخابه رئيساً للجمهورية إثر توقيع اتفاق الطائف.
لم تتلكأ المرأة اللبنانية يوماً عن المشاركة في الانتخابات، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وحتى قبل نيلها حقوقها السياسية، ولم تقتصر مشاركة المرأة على المدن، بل كانت موجودة في الأرياف، إلا أن نوعية المشاركة وطبيعتها كانتا تختلفان بين المناطق والطوائف تبعاً للعادات والتقاليد والأعراف السائدة ودرجة الحرية المسموح بها وأنواع القيود التي كان المجتمع يفرضها.
لقد كان للتطور النسبي الذي شهده المجتمع ومظاهر الحداثة التي تجلت فيه في الخمسينيات والستينيات ونيل المرأة حقوقها السياسية الأثر المهم في تحديد كمية المشاركة النسائية ونوعيتها في الحملات الانتخابية، وتستذكر اللبنانيات اليوم وبعد 69 عاماً، إميلي فارس إبراهيم، المرشحة العربية الأولى للنيابة التي ترشحت عن المقعد الماروني في زحلة بلبنان، ورغم أنها لم تُنتخب إلا أن عددًا أكبر من النساء قد حذت حذوها منذ ذلك الحين.
واليوم ها هن نساء لبنان يستذكرن بكل فخر، ميرنا البستاني، مها الخوري، نهاد سعيد، نائلة معوض، بهية الحريري، غنوة جلول، ستريدا جعجع، جيلبرت زوين، صولانج الجميل، نائلة التويني، بولا يعقوبيان، رولا الطبش، ديما الجمالي، عناية عز الدين، يضاف اليهن اليوم من جئن بإرادة نسائية جديدة، سينتيا زرازير، غادة ايوب، نجاة صليبا، حليمة قعقور، ندى البستاني.