يبقى الوضع الفلسطيني موضع قلق لدى المسؤولين، وأيضاً للبنانيين والفلسطينيين المقيمين في المخيّمات على حدٍّ سواء، أكان على مستوى وجود بعض التنظيمات الأصولية، التي تظهر بين الحين والآخر مترافقة مع أحداث وتطوّرات واشتباكات وسقوط ضحايا، كما كانت الحال في اليومين المنصرمين، عندما حصل اشتباك عنيف بين «جند الشام» و»عصبة الأنصار» في عين الحلوة، ما يؤكد على أن هذه التنظيمات ما زالت لديها القدرة على تحريك الوضع في المخيّم، وخلق حالة ذعر وبلبلة، على الرغم من التنسيق السياسي والأمني بين السلطتين اللبنانية والفلسطينية، وكذلك على الصعيد المخابراتي بين الجيش اللبناني وحركة «فتح»، وإنما مركزية هذا المخيّم لناحية وجود الفصائل المتعدّدة وحجم السلاح فيه، يُبقي كل الاحتمالات واردة من خلال هذه الصراعات.
وفي هذا السياق، تشير المعلومات إلى أن السطة الفلسطينية من خلال حركة «فتح» قادرة ولديها كل الوسائل لضبط وضع المخيّم وعدم تفلّته، إنما في الآونة الأخيرة، وعلى أكثر من خلفية سياسية واقتصادية وعقائدية، إلى تنوّع هذه الفصائل وانتماءاتها، لا سيما على الصعيد الأمني، على اعتبار أن كل التنظيمات لديها قدرة عسكرية، ومن يدعمها في داخل المخيّم وخارجه، ولكن ما يريح الوضع، أن الأجواء المستقرّة والإيجابية بين حركتي «فتح» و»حماس، على اعتبارهما القوتين البارزتين على الصعيد الفلسطيني تنظيماً وتسليحاً، فهما منذ فترة على تواصل وتنسيق دائم وتوافق، على رغم التباينات السياسية بينهما، لإبقاء الأمور هادئة في لبنان، لا سيما في المخيّمات الفلسطينية، حيث لهم الحضور الأساسي فيها على الأراضي اللبنانية، وعلى وجه الخصوص مخيّم عين الحلوة، الذي يعتبر الأضخم والأخطر في آن بفعل وجود قوى وفصائل أصولية وتكفيرية عديدة.
وفي سياق متصل، علم أن القلق الآخر الذي يبقي واقع المخيّمات موضع مخاوف وهواجس، إنما يعود إلى تقليص منظمة «الأونروا» لمساعداتها وخدماتها لكافة المخيّمات، باعتبارها الجهة الأساسية التي تهتم بشؤون اللاجئين في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، ومن هذا المنطلق، وربطاً بالأزمات الإقتصادية العالمية، وما يحصل اليوم في روسيا وأوكرانيا، فكل ذلك كان له الأثر السلبي في تقليص هذه المساعدات التي قد تحوٍّل المخيّمات إلى قنابل موقوتة في حال استمرت الأزمات المالية قائمة، والتي بدأت تنذر بعواقب وخيمة، وهذا ما يشير إليه أكثر من مسؤول فلسطيني، ومنهم من يواكب ويتابع هذه الأزمات المالية الخانقة الناشئة، وصولاً إلى أن الدولة اللبنانية والحكومة والمؤسّسات غير قادرة على دعم هذه المخيّمات، أو من يقدّم الحقوق المدنية لأبنائها، وحيث هناك أزمة مالية واقتصادية في لبنان، ما يعني أن اللبنانيين أنفسهم ليس باستطاعتهم الحصول على مدّخراتهم في المصارف وعاجزون عن تأمين الطبابة وأقساط المدارس والجامعات.
ويبقى، ومن خلال ما يجري في المخيّمات الفلسطينية، أن كل المعطيات والمؤشّرات تؤكد أن هناك تواصلاً وتنسيقاً بين المعنيين لمنع حصول أي انفجار داخلها، ولكن تبقى كل الاحتمالات واردة في حال تفاقمت الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، وتوقفت «الأونروا» بشكل كلي عن تأمين الأموال اللازمة، ما يعني عندئذٍ أنه ليس باستطاعة أي طرف أن يلجم الوضع على الساحة الفلسطينية.