عملية نوعية عند معبر اللنبي الذي يربط الاراضي المحتلة بالأردن نفذها مواطن أردني قتل خلالها ثلاثة عناصر شرطة إسرائيليين، أعادت التأكيد من جديد أن إسرائيل لن تكون بأمان طالما أن القضية الفلسطينية لم تُحل، ومحيطها سيبقى معادياً لها وحدودها لن تكون آمنة.
عملية اللنبي جاءت بعد أسابيع من التصعيد الكبير في الضفة الغربية، والذي يؤكّد المؤكّد، أن إسرائيل لن تتوقف عن مجازرها حتى إبادة وتهجير الشعب الفلسطيني، وأن الفلسطينيين لن يسكنوا طالما أن إسرائيل تنتهج نهجاً معادياً لهم يسلب منهم كافة حقوقهم.
على صعيد لبنان، فإن تصريحات خطيرة صدرت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن خلالها إصدار تعليمات للجيش وجميع قوات الأمن بالاستعداد لتغيير الوضع في الشمال، في حين نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصدر أمني رفيع المستوى قوله إنَّ “الأوضاع بين إسرائيل وحزب الله تقترب من نقطة الانفجار، والمعركة مع حزب الله في لبنان تقترب”.
تصريح نتنياهو يكاد يكون الأخطر والأكثر جدّية كونه صادر عن أعلى جهة سياسية إسرائيلية، ويفوق بأهميته تصريحات وزير الحرب يواف غالانت، الذي قال قبل أسابيع إن مركز الثقل انتقل من غزّة نحو الشمال. لكن من غير المعروف بعد ما إذا كان التصريح يندرج ضمن الحرب العسكرية أم الحرب النفسية.
مدير مركز تطوير للدراسات هشام دبسي يُشير في هذا السياق إلى نقطة مهمة، ويربط تصريح نتنياهو بالحرب في جنوب لبنان والتصعيد الحاصل في الضفّة الغربية، ويقول إن لهذا الإعلان بُعداً سياسياً يحتاجه نتنياهو لمواجهة مُحاولات فرض عليه وقف إطلاق نار في غزّة، ومن خلاله، فإن نتنياهو يوجّه رسائل مفادها أن القتال مستمر في لبنان والضفة.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لا يستبعد دبسي تغيّر قواعد الاشتباك بين “حزب الله” وإسرائيل والتصعيد بينهما، وبرأيه، وبالرغم من الضغط الأميركي لإبقاء قواعد الاشتباك على حالها، فإن بيئة الصراع الراهنة تسمح لنتنياهو بتجاوز الموقف الأميركي.
وفي حين لا يرى دبسي أفاقاً جدية لوقف إطلاق النار في غزّة، لأن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على إلزام إسرائيل بوقف إطلاق نار لكنها لا تفعل ذلك، وتكتفي بتدوير الأزمة بدل إدارتها، يستبعد في الوقت نفسه توسّع الحرب وتحويلها إلى إقليمية شاملة بسبب التفاهمات العميقة بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، وإيران و”حزب الله” من جهة أخرى، لعدم توسيع دائرة الاشتباك، وهي رسائل تبادلها الطرفان عبر وسطاء، خصوصاً وأن ثمّة قناعة إيرانية بعدم القدرة على الاشتباك مع إسرائيل والولايات المتحدة.
إلى ذلك، فإن الحكومة تستعد لدراسة موازنة العام 2025، وبالتوازي، ثمّة استعدادات في الشارع من قبل فئات اجتماعية عدة، على رأسها العسكريين المتقاعدين، من أجل العودة إلى الشارع للضغط على الحكومة لسحب بعض الضرائب الجديدة التي ستُفرض بموجب الموازنة، وتحصيل بعض الحقوق، وبالتالي فإن الفترة المقبلة قد تشهد تحركات احتجاجية وضغوطاً شعبية.
في المحصلة، فإن الستاتيكو السلبي سيّد الموقف، وحتى الآن، لا أفق جدّية بإنهاء الصراع وحمام الدم، لا بل إن فرص التصعيد تتقدم على فرص التهدئة، والتعويل على الجهود الأميركية لإنهاء الحرب يتضاءل في ظل غياب النتائج طيلة الأشهر الماضية، وانغماس الولايات المتحدة أكثر فأكثر بانتخاباتها الرئاسية وانشغالها عن المنطقة.