الكوليرا يُدخل الخضار والفاكهة في مأزق…وتحذير من كارثة صحية وماديّة

Share to:

الديار: مارينا عندس

وكأنّ اللبنانيين قدرهم الوحيد هو غوصهم في المشاكل والأوبئة. بدأت الأزمة مع كوفيد 19 والأمراض المُعدية، وصولًا للكوليرا اليوم. فلا نلحق توديع الوباء، ليظهر لنا شبيهه. ولأنّ لبنان، بلدٌ منغمسٌ بالأزمات الاقتصاديّة والمعيشيّة والبيئيّة، لا يمكنه أن يخرج من هكذا أزماتٍ بطريقةٍ سليمةٍ وسهلةٍ. أوضاعُهُ استنائيّةٌ ومصائبه كثيرةٌ، آخرها وباء كوليرا وتأثيره بشكلٍ مباشرٍ على المعيشة، لاسيّما على الخضار والفاكهة.

كيف انتشر وباء الكوليرا في لبنان؟

انطلقت شرارة الكوليرا في لبنان، من أحد مخيمّات اللاجئين السوريين في عكار شمال البلاد، قبل أن تتوسع رقعة انتشارها في البلدات المجاورة لتصل الى مخيّمات عرسال في البقاع الشمالي على الحدود بين لبنان وسوريا، وإلى عدد من المناطق في أقضية المنية الضنية، وطرابلس وبعلبك وكسروان وزحلة وزغرتا وبعبدا.

أسبوعان فقط، كانا كفيلين لانتشار الكوليرا في لبنان، حيث لاحظت وزارة الصّحة انتشارًا متسارعًا للوباء وتمكّنه من التّسلل من مخيمات اللاجئين السوريين إلى المواطنين اللبنانيين، لتغص المستشفيات في شمال البلاد بالإصابات، وتعجز عن استقبال المزيد من الحالات.

وفي بلدٍ قطاعه الصّحي مُنهار، أنهك معه كل القطاعات وما تتبّعها ودقّ ناقوس الخطر ووصل إلى القمة التي نتناولها. فمع انتشار الكوليرا في لبنان، ارتفع عدد الإصابات وبدأ الأطبّاء يهرولون بحثًا عن طرق للعلاج. وما تمّ تأكيده، هو أنّ الخضار والفواكه كانت الأكثر تأثّرًا بسبب حملات التّخويف، ممّا أدّى إلى انخفاض نسب استهلاكها وبالتّالي تدنّت أسعارها إلى حوالي الـ80% .

بعد انتشار الكوليرا…خسائر كبيرة يتكبّدها القطاع الزّراعي !!

ومن المعروف، أنّ استخدام مياه الصّرف الصّحيّ غير المكررة والأسمدة الطبيعية، يُساهم في تلوّث الخضار والفاكهة، أي الرّي الملوث بالبراز أو التلوث المباشر الناّتج عن الإنتاج غير السّليم أو إجراءات الصرف الصحي أو المرافق في خط الحصاد أو حتّى الإنتاج يمكن أن يمثل أيضًا مصادر للكوليرا. وتتمتّع الكوليرا بقدرة البقاء على قيد الحياة لفترات أقصر على الخضار أو الفاكهة، كما أن الظروف البيئية تلعب دوراً بوصول الكوليرا إلى المستهلك من خلال الأطعمة المستوردة. ويمكن أن تتلوث الفاكهة والخضار الطازجة من خلال ملامستها للتربة الملوثة بالبراز والأسمدة أو المياه الري.

هذا ما يؤكّده لنا، الأستاذ زياد أحد كبار تجّار الخضار في لبنان، عن أنّ الواقع اختلف اليوم وما قبل كوليرا ليس كما بعده.

وفي حديث للدّيار أكّد زياد أنّ” همّنا الوحيد كان ولا يزال، تأمين الخضار والفاكهة للبنانيين الذي حُرموا من أكل اللّحوم والدّجاج نتيجة الغلاء الفاحش، وها هم اليوم يُحرمون من أكل الفاكهة والخضار”.

وأضاف:” صحيحٌ أنّ الأسعار انخفضت قليلًا عمّا في السّابق، لكنّها اليوم تعدّ مهدّدة في بيعها. وذلك، لأنّ النّاس اليوم بدأت تخاف من هذا الوباء، لاسيّما بعد خروجنا من محنة صعبة وهي كوفيد 19″.

وتابع زياد:” نحنُ اليوم نبيع الخضار والفاكهة للمحلّات، ونلحظ أنّ الصّرخة عالية. كان ربّ المنزل يشتري 2 كيلو تفّاح أو ليمون أو بندورة في السّابق، لكنّه اليوم بسبب الحروب الاقتصاديّة والصّحية، بات يشتري الحبّة والحبّتين. نحن لسنا فقط تجّارا ونتعامل بالعملة، نحن أرباب عائلات وأيضًا يهمّنا سلامة الجميع لكنّ القطاع الزّراعي يستنزف قدراته ولا من أحدٍ يُساعدنا”.

وختم:” على وزارة الزّراعة والمسؤولين حلّ هذه المُشكلة بشكلٍ سريعٍ لأنّ بلدنا لم بعد يحمل مآسٍ، أمّا نحن سنبقى واقفين على أرجلنا لأنّ المحنة صعبة والوضع سيئ”.

وبدوره، أكّد رئيس تجمّع المزارعين والفلّاحين في البقاع ابراهيم ترشيشي، إلى أنّ مرض الكوليرا لا يزال بعيدًا كل البعد عن مناطق البقاع، وانتشار المرض محصور بقاعيّا فقط في عرسال الحدوديّة مع سوريا أو في بعض مخيّمات اللاجئين السّوريين بعيدًا عن أماكن الزّراعة، رافضًا الأصوات التي تعلو مشكّكة في نظافة مياه الرّيّ والقول إنّه يصار إلى استخدام المياه الآسنة لري المزروعات.

وسأل:” المزارع هو أوّل من يتناول مع عائلته من منتجات أرضه، فكيف يضرّ عائلته وأهل بلدته ويستخدم مياها ملوّثة للرّي؟ كل مناطق البقاع تعتمد على الآبار الارتوازيّة لا على المياه الجارية، والمزارعون رفعوا الصّوت عاليًا بسبب غلاء سعر المازوت لأنهم يعتمدون على هذه المادة لتشغيل مضخّات المياه لري المزروعات”.

للأسف، وزارتا الصحة والزراعة لم تقما بأيّ إجراءات ولو حتّى لفحص مياه الري بعد انتشار الكوليرا، والدّولة غائبة لم تدعم ما يفيد مصلحة المستهلك. إذا كانت المُشكلة في المجارير ومجاري الأنهر، فأين وكيف صُرفت ملايين الدولارات لإنشاء مئة معمل لتكرير المياه.

Exit mobile version