أقل من مئة يوم تفصل عن انطلاق الإنتخابات النيابية، مما تحتم على القوى السياسية الجهوزية الكاملة لها، وهذا ما دفع هذه القوى لاستنفار ماكيناتها، وصار واضحا ان عددا كبيرا من الأحزاب جهزت لوائحها وشعار المعركة، وبدأ وضع اللمسات الأخيرة قبل الوصول الى موعد الإنتخابات.
في خضم الاستعدادات، قاعدتان أساسيتان في المشهد الإنتخابي الراهن لدى كل الأطراف، هما أولا: استغناء رؤساء اللوائح عن المرشحين الذين لا يعودون لللائحة بنتائج وأصوات وظاهرة، ما يسمى بتحالفات حظوظ المعركة، ثانيا: توجه الأحزاب الى حلفاء يخالفون توجهات القاعدة الشعبية ويضمنون ارتفاع الحواصل، والهدف هو رفع الحواصل والوصول الى مجلس النواب ولو من ضمن تحالفات «مرحلية» تنتهي في اليوم الثاني لظهور النتائج، وعلى هذا الأساس فان عددا من القوى والأحزاب قفزوا فوق خلافاتهم لصياغة تحالفات مربحة تعود عليهم بالأصوات.
من الواضح، ان التيار الوطني الحر أكثر الأطراف الذين التزموا نظرية صياغة تحالفات جيدة تضمن الربح في المعركة، فالتيار مأزوم بمشاكل سياسية أثرت على شعبيته ووضعيته في الشارع المسيحي، وتدل الاحصاءات الى تراجع متوقع لكتلته النيابية، وهذا ما جعل قيادة التيار تذهب لمراجعة سياسية وانتخابية أفضت، كما تقول المعلومات، الى وقف الخلافات مع «حركة أمل» والتهدئة بسبب الظرف الإنتخابي الدقيق للوائح العونية.
المشهد كما تقول مصادر سياسية، يشبه الى حد كبير اليوم إنتخابات ٢٠١٨ في بعض وجوهه والنواحي والتحالفات الموضعية، فالتحالف الانتخابي بين «القوات» و «الاشتراكي»، فلا يمكن لـ «الاشتراكي» ان يخوض الإنتخابات من دون «القوات» في الشوف وعاليه في ظل تشتت الوضع السني، كما من الصعب على «القوات» تأمين حواصل من دون «الاشتراكي».
بالنسبة الى التيار الوطني الحر، فالوضع مأزوم في عدد كبير من الدوائر التي تحتاج فيها لأصوات الثنائي بما فيها أصوات «أمل».
وفق الخبراء الإنتخابيين، فان الحاجة الماسة الى الأصوات والحاصل، حتمت التحالفات الهجينة في بعض الدوائر، والتي تلاقي اعتراضات من كوادر حزبية، كما حصل في البترون باحتجاج «كتائبي» واسع على «تقدمة « المقعد الكتائبي الى غير حزبي، والتخلي عن نائب «الكتائب» في الدائرة.
ومن المفارقات في انتخابات ١٥ أيار، ان القوى السياسية والأحزاب غيّرت عناوين معاركها الإنتخابية بما يتناسب مع ما تريده الأرض والقاعدة الشعبية، فالتيار الوطني الحر خاض الإنتخابات الماضية بعنوان محاربة الفساد واستكمال مسيرة الاصلاح والتغيير، فيما يركز معركته الراهنة على التدقيق الجنائي والفساد والهجوم على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومن الواضح ان التيار تخلى عن الشحن السياسي ضد الثنائي في موضوع اللامركزية الإدارية والمالية، و «ما خلونا نشتغل»، وأقفلت صفحة الدائرة ١٦ وتصويت المغتربين لمصلحة التفاهم الإنتخابي، اذ تؤكد المعلومات حصول الإتفاق الإنتخابي في عدد كبير من الدوائر المشتركة بتجاوز الاشكالية والخلافات مع «حركة أمل» كما حصل عام ٢٠١٨ بسبب قانون الإنتخاب، والأحداث التي صبت لغير مصلحة المحور.
وتحت عنوان لكل طرف معركته الخاصة، فالواضح ان «تيار المستقبل» يركز حملته الانتخابية على الاستهداف السياسي، فيما حزب الله على المؤامرة المحلية والخارجية ضده، و «القوات» تسعّر هجومها على حزب الله، فيما المجتمع المدني والمعارضة تستعمل كل الشعارات من الفساد وانفجار المرفأ والهجوم على الطبقة السياسية .