ليس هناك من مبالغة في القول أن حالة الإنتظار التي تشهدها البلاد بفعل حرب غزة ووقائع مواجهات الجنوب باتت تتفوق على أي أمر آخر، لا بل تكاد تدفع إلى تعليق أي خطة أو إجراء مستقبلي. هذا الترقب بدأ يرافق يوميات الحياة اللبنانية في مختلف المجالات منذ فترة، ترقب الحرب أو التهدئة أو التسوية. ففي بعض الأحيان ترجح كفة على أخرى، وفي أحيان أخرى تكون نسب الحرب وفرص التهدئة متوازية.
اما ما برز مؤخرا فأعاد خلط الأوراق، حتى أصبح الحديث عن سيناريو توسعة الحرب متقدما على ما عداه. وخرجت مواقف وتحليلات إلى العلن تعزز هذه التوقعات، في حين أن الميدان على اشتعاله، وما جرى مؤخرا اعطى انطباعا بأن هذا واقع انتقل إلى مرحلة جديدة صار فيها تجاوز لأي حدود في المواجهات.
وأمام مشهد قد يكون أقرب إلى الضبابية سواءٌ بالنسبة إلى لبنان والى المنطقة، لم يعد السؤال عن ملف انتخابات رئاسة الجمهورية يحتل أية أولوية. فلا كلام جديا أو أساسيا فيه، حتى أن القوى السياسية لم تعد تدرجه كبند للنقاش، كل ذلك عادي لأن الرئاسة ليست جاهزة بعد. اما المبادرات التي طرحت سابقا فعجزت عن اجتراح الحلول،وقد لا يعاد تحريكها في الوقت القريب.
لا تبدو بكركي في مناخ تجنب الحديث عن الاستحقاق الرئاسي، لأنه مادة متجذرة في عظات البطريرك الماروني مار بشارة الراعي، كما في مواقف ونداءات عدد من رجال الدين، وفي المقلب الآخر، لن يحضر هذا الملف على طاولة البحث لعدة أسباب، إلا إذا مال الوضع في غزة إلى الحل ضمن اعجوبة ما.
وماذا عن مهلة أيلول؟ تقول مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» إن الشهر الراهن يقترب من الانتهاء والحل الشامل على مستوى غزة لم يشق طريقه، وهذا يعني أن الرئاسة كما هو ظاهر وضعت في الأدراج، وبالطبع لا يمكن الاستفسار عن الملف برمته من اللجنة الخماسية، في الوقت الذي تبدو فيه الدول المعنية منهمكة بإتصالاتها لإبعاد شبح الحرب، والبعض بالتفاوض والبعض الآخر بواقعها الداخلي، وليس صحيحا ان هناك نقاشا من شأنه أن يبدأ في الرئاسة انطلاقا مما توقف عنده البحث أي خيار الحوار كمدخل للإنتخابات، مشيرة إلى أن نقطة الخلاف لا تزال على حالها في هذا السياق بين قوى المعارضة والممانعة، كذلك فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري صاحب المبادرة حسم القول أن الحوار هو مدخل الرئاسة، وقالها منذ فترة من دون تراجع.
وترى المصادر نفسها أن نقاشات تدور في بعض الكواليس عن إمكانية فتح المجال أمام طرح الملف الرئاسي من جديد، لكن نصائح أسديت لعدم تكرار أي طرح في ظل ظرف غير مؤاتٍ، وترى أنه ما لم يبرز اي معطى قبل أيلول على صعيد ملف غزة والتفاوض، فإنه يمكن توديعه وفق ما تقول هذه المصادر التي تستبعد ترتيب أي حراك جديد، إذ أن الوقت هو للحراك الديبلوماسي لإرساء التهدئة، معتبرة أن هذا الحراك لم يتوقف بعد لكنه لم ينتج أية فعالية بعد إلا إذا اتخذ منحى آخر.
وتعرب عن اعتقادها أن الخيار الثالث الذي كان يُعمل عليه كفكرة للحل أمام خيار السقوط أو التعويم في انتظار ما قد تخرج عنه التسوية للوضع الراهن، مع العلم أن ما من مؤشرات مشجعة، وكل ذلك يقود إلى التأكيد أن الاستحقاق الرئاسي لن يجد له اي مكان للبحث، وفي الوقت نفسه هناك من يتحدث عن تأثير ما حصل بالنسبة إلى التيار الوطني الحر في احتساب الأصوات النيابية لمصلحة المرشح سليمان فرنجية، مع العلم أن لا شيء مؤكداً بعد.
بات مؤكداً أن الوهج الرئاسي لن يحضر باكراً والمعطيات تدلل على ان التركيز منصب على سحب فتيل تفجير الحرب قبل الرئاسة وغيرها.
كارول سلوم – اللواء