سيعود الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت رغم الأجواء الملبدة بالغيوم، وحتى هذه اللحظة لا تقدم في ملف الرئاسة ولا حلول ولا نقاشات، ناهيك عن اصرار القوى السياسية على مواقفها المعهودة والمعروفة، ما يعنى ان انتخاب رئيس للبلاد أمر بعيد المدى وصعب جداً، فالبعض في لبنان حتى هذه اللحظة لم يستشعر الانهيار الذي وصلت اليه البلاد.
يقول مصدر سياسي ان ” الرهان المتجدد على حل رئاسي من الآن وحتى أيلول المقبل، لا يستند الى معطيات واقعية، وهو يشبه الرهان على الحل الذي عُوّل عليه بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، حيث قيل آنذاك إن انتخاب الرئيس الجديد سيكون آواخر سنة 2022، ثم توقع البعض أنه سيكون في كانون الثاني أو شباط، واذا بلبنان يعبر الشتاء وينهي فصل الربيع ويدخل فصل الصيف دون أي تقدم، لا بل مزيد من الخلافات والنقاشات والاتهامات بين القوى، ما يعني أن الرهان الجديد يشبه الرهانات الأخرى”.
ويتابع المصدر أن ” لا طرف سياسيا في لبنان يعمل على إسقاط وثيقة الطائف ودستورها، وما يقال في هذا الصدد لا يخرج عن كونه إلا خطاباً إعلامياً، هدفه التحريض والتأجيج السياسي وخلق أجواء سوداوية”. ويشير الى ان “في جعبة الموفد الرئاسي إلى لبنان عنوان حلٍ أساسه “لا غالب ولا مغلوب”، وأما الأسماء والتفاصيل فمتروكةٌ للتوافق بين اللبنانيين عبر الحوار الداخلي برعاية خارجية، ولا يستبعد المصدر أن يتحول “اللقاء الخماسي” الإقليمي والدولي المعني بلبنان إلى “لقاء سداسي” تنضم ايران إليه”.
وفي نفس السياق، تحدث مصدر اقتصادي عن عودة لودريان إلى لبنان في منتصف تموز الجاري، حيث ربطها بملف حاكم مصرف لبنان الذي تنتهي صلاحيته أواخر هذا الشهر، وقال ” إن هذه الزيارة ستحسم مصير حاكمية البنك المركزي بحسب مشروع هذه العودة، و إذا لم يتم عقد مؤتمر للحوار اللبناني سوف نكون أمام أزمة معيشية واقتصادية أصعب، ما سيؤدي إلى التردي الأقصى لصالح المنظومة الحاكمة، في حين سيرتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة بهدف التمديد لرياض سلامة، أو لتعطيل مهمات وعمليات البنك المركزي لفرض إجراءاتٍ حكومية جديدة توطد إمساك المنظومة بالوضع السياسي و الأمني، لذا لن يكون أمام القوى السياسية من حلول حتمية إلا بالحوار والإتفاق على رئيس للجمهورية”.
وتابع المصدر الاقتصادي”أما فيما يخص نواب حاكم مصرف لبنان الذين لا يريدون تحمل المسؤولية في المرحلة الدقيقة والظروف النقدية الصعبة، او حتى في ملف أموال المودعين الذين يتحملون جزءاً كبيرًا من المسؤولية تجاهه لانهم نواب الحاكم، وبالتالي تقع المسؤولية عليهم كما تقع على الحاكم”، واضاف “ان تهديد النواب باستقالتهم في هذه المرحلة ما هو الا للتهرب من مسؤولياتهم الملقاة على عاتقهم”.
وهنا تطرح العديد من الأسئلة: ما هي وظيفة نواب الحاكم الذين يتقاضون رواتب عالية منذ زمنٍ بعيد ؟ وهل هذه المناصب التي حصلوا عليها هي مناصب تكريمية ووجاهية وسياسية، منقسمةٌ على الطوائف والاحزاب والقوى السياسية في الوطن؟ أي وظيفة من المفترض ان يقوموا بها في حال انتهت صلاحية الحاكم ولم يعين البديل؟ هل سيملأ من تقاضى رواتب طوال السنين التي مضت هذا الفراغ؟
الأيام تتسارع ولبنان ينتظر انتخاب رئيس للجمهورية وحاكم مصرف جديد، فهل ستتوافق القوى فيما بينها، وتتحاور لإنقاذ ما تبقى من الوطن؟