نضال العضايلة
يزداد التوتر على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب في غزة عقب 7 أكتوبر 2023، وفي كل مرة تتصاعد نبرة التصريحات المتبادلة بين الطرفين بالتصعيد على الجبهة اللبنانية، فضلًا عن تهديد إسرائيل لحزب الله بتدمير لبنان، الأمر الذي يثير تخوفات الأطراف الإقليمية والدولية من إشعال جبهة لبنان، وتبعات ذلك على المنطقة برمتها.
من الواضح ان هناك محددات حاكمة للمشهد في الجبهة اللبنانية منها؛ محددات داخلية تتعلق بالأنقسام اللبناني حول الحرب، وحالة الفراغ الرئاسي التي تعيشها منذ أكتوبر 2022، بالإضافة إلى تراجع شعبية حزب الله، وعدم رغبة بعض الأحزاب والقوى والكيانات اللبنانية في الانجرار إلى مسار الحرب، فضلًا عن تخوف حزب الله من أن تشهد بيروت وضواحيها المسار ذاته على غرار غزة، كذلك توجد محددات خارجية تتعلق بمواقف الأطراف الإقليمية والدولية الرافضة لتحول لبنان إلى ساحة للحرب، وتراجع الدعم الاقتصادي الإقليمي للبنان، والموقف الإيراني من الحرب، علاوة على الموقف الإسرائيلي الذي يُثير استفزاز إيران وحزب الله بين حين وآخر، ورغبة بعض القيادات الإسرائيلية في غزو لبنان بريًا لدفع حزب الله بعيدًا عن الحدود.
على الجانب الآخر، توجد حالة من الغضب والاحتقان الشعبي في لبنان نتيجة إتخاذ الحزب قراراً فردياً لخوض الحرب دون التشاور مع التكتلات الأخرى؛ بالإضافة إلى عدم الثقة في النخب السياسية اللبنانية نتيجة الأزمات المتتالية التي تعاني منها الدولة.
يُمثل النفوذ السياسي لحزب الله عاملًا مهمًا لقرار خوض لبنان حرب مع إسرائيل، خاصة في ظل حالة من الرفض الداخلي لدفع لبنان إلى الحرب للاعتبارات السابق توضيحها، بما يُؤشر إلى أن قرار توسع الحرب من جانب حزب الله بها مخاطرة لفقدان نفوذه السياسي داخل الدولة، ولا يوجد تأييد كبير لدور حزب الله في السياسة الإقليمية، إذ يرى المراقبون ان انخراطه في السياسة الإقليمية، دون المستوى المطلوب.
وفي هذه الحالة ستتحرك إسرائيل ضد حزب الله في كل لبنان، وستحتل مناطق واسعة من جنوب لبنان لإنشاء منطقة عازلة تسيطر عليها القوات الإسرائيلية للسماح لسكان الشمال بالعودة إلى ديارهم” ومن ثَمّ تعكس هذه الامور الإصرار الإسرائيلي ورغبة بعض القيادات الإسرائيلية في الدفع في مسار الحرب مع لبنان.تشترك القيادات الإسرائيلية في الرغبة في القضاء على حزب الله باعتباره تهديدًا مستمرًا للوجود الإسرائيلي على الحدود الشمالية مع لبنان، وعلى الجانب الآخر، تشير المعلومات من الداخل الإسرائيلي ان أكثر من نصف الإسرائيليين يؤيدون الحرب على حزب الله.ولا يبدو ان الضغوط الدولية على إسرائيل ستشكل عاملًا ضاغطًا لمنع إشعال جبهة لبنان بما يوسع الحرب إقليميًا، وتبعات ذلك على المنطقة، وتدخل الأطراف المختلفة سواء الدعم الأمريكي لإسرائيل، أو الدعم الإيراني لحزب الله وتدخل باقي الوكلاء، وما يرتبه اندلاع الحرب من موجات للنزوح واللجوء إلى دول مجاورة، فضلًا عن احتمالية تعطل الملاحة في مضيق هرمز.
إن خيار الحرب غير مرحب به إقليميًا ودوليًا، لكن تظل المحددات الداخلية والخارجية السابق الإشارة إليها حاكمة لسياق التطورات القادمة، ولحسابات الأطراف المختلفة بشأن الحرب، وإن كان القادة الإسرائيليون في دفعهم بمسار الحرب إنما بهدف تحقيق انتصار سياسي، وعدم فقدان نفوذهم في ظل خلافات داخلية، وجرائم دولية تنتظرهم نتيجة الانتهاكات المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني. وعليه يظل السيناريو لفكرة إشعال جبهة لبنان مرهونًا بالمتغيرات الإقليمية ونجاح أو فشل الجهود الدولية المبذولة لاحتواء التوترات بين مختلف الأطراف وإعادة ترتيب الأوراق بينها. إيران لا ترغب في توسعة الحرب، وتحاول طهران تحقيق أكبر قدر من المكاسب في سياق هذه التوترات الإقليمية سواء في ملف البرنامج النووي الإيراني، أو خفض العقوبات المفروضة عليها بتوظيف ملف الحرب في غزة والجبهة اللبنانية والمؤشرات في ذلك كثيرة ومنها؛ القصف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق في بداية شهر إبريل الماضي، واقتصار الرد الإيراني على شن هجمات مباشرة على إسرائيل بواسطة أكثر من 300 صاروخ كروز وباليستي وطائرة بدون طيار، وعدم التصعيد إلى أكثر من ذلك، بالإضافة إلى عمليات الاستهداف المتكررة لقيادات مهمة سواء “إسماعيل هنية” داخل إيران أو “فؤاد شكر” في الضاحية الجنوبية لبيروت بهدف إثارة استفزاز إيران إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل وانتظار الرد الإيراني المرتقب على هذه العمليات.
نحن اليوم على أعتاب حرب جديدة المستهدف الرئيسي فيها لبنان الذي يعيش اكثر من 60% من شعبه تحت خط الفقر، فيما ينتظر هذا الشعب جحيم جديد على غرار الحروب السابقة التي خاضها حزب الله وادت الى تدمير لبنان ومكونات الحياة فيه.الحرب قادمة لا محالة، ولكننا ندعوا الله السلامة للبنان والشعب اللبناني وان يجنبهم الدمار والقتل، فهذا الشعب لا يستحق الا الحياة.
ملاحظة: الكلام الوارد في هذا المقال على مسؤولية كاتبه، ونحن لأننا موقع حر نعرض ونحترم جميع الاراء التي ترد إلينا.