تُشكّل الجامعة اللبنانية “درّة تاج” سيطرة الشيعية السياسية على دوائر الدولة، والنموذج الأكثر انكشافًا لما يمكن أن يصل إليه مستوى التخريب والتمزيق لمؤسّسات الدولة عندما يحكمها كلّ من حركة “أمل” و “حزب اللّه” وهما من حوّل فروعها في الحدث إلى مقرّات حزبية ترفرف فيها أعلام الحركة و “الحزب” والشعارات المذهبية، برعاية رئيس الجامعة بسام بدران وحاشيته من إداريين معروفي التوجّه والانتماء، وهذا يجعل حركة “أمل” مسؤولة معنويًا وسياسيًا بالتكافل والتضامن مع “الحزب” عن كلّ هذا الخراب.
تسيطر حركة “أمل” على كلّ شيء في الفروع الأولى في الحدث، من التحكّم في طلبات القبول والسيطرة على المساكن الجامعية إلى التلاعب بعلامات الطلّاب، وهو أخطر أشكال التزوير، وهذا ما أنتج طفرة في الخرّيجين الشيعة المتفوّقين بالعلامات والضعفاء في الأداء الطبّي، وما يحصل في مستشفى رفيق الحريري الجامعي نموذج بسيط لهذا الحصاد المرّ، بينما يعاني الطلّاب المتفوّقون من غير الشيعة تخفيضًا في العلامات وضغوطًا كبيرة، وما كشفته التحقيقات في تزوير الشهادات، أنها شملت أهدافًا سياسية بهدف إعطاء أبواق “حزب اللّه” مصداقية أمام الرأي العام عن طريق إسباغ الألقاب “العلمية” على هذه الأبواق المنفلتة.
لا حدود ولا توقعات لمدى انتشار التزوير ومخالفات القانون في الجامعة اللبنانية، ومن ذلك التسريبات الإعلامية الخطرة التي تناولت عملية تسريب نتائج الامتحانات قبل موعد صدورها الرسمي بأسبوعين في كلية الآداب والعلوم الإنسانية الفرع الثالث (طرابلس)، وبعد شكاوى الطلّاب وصرختهم حول موضوع ربط المال بالنتيجة أي من يدفع مبلغ 65 دولارًا للمشاركة في حفل التخرّج يمكنه معرفة علاماته مسبقًا خلافًا لقوانين وأنظمة الجامعة، حتى قبل إمضاء أستاذ المادة على النتيجة النهائية الرسمية وقبل إمضاء رئيس القسم، ويمكنه أن يستفيد من تغيير علامته من 35 إلى 50 وأن بعض الطلبة قد تبلّغوا برسوبهم بعد تخرّجهم الرسمي أمام الرئيس وأمّا آخرون فدفعوا الاشتراكات ورسبوا ولم تردّ أموالهم لهم… كما أن عددًا كبيرًا من التلامذة لم يستفيدوا من موضوع المداولات أي رفع العلامة من 35 إلى 50 لأنهم لم يشاركوا في التخرّج.
يجب التركيز هنا على موقفين: الأول البيان الصادر عن الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين الذي طالبت فيه الهيئة وزيرةَ التربية ورئيس الجامعة بتحقيق فوريّ بكل الملابسات وبالتحقيق بمواضيع التلاعب بالأنصبة الصادرة عن رؤساء الأقسام خلافًا للقوانين، وأن يشمل التحقيق تزوير عقد موثق لأهداف انتخابية بحتة رأت فيها الهيئة مخالفات إدارية كبرى في كلية الآداب، والثاني إصدار وزيرة التربية بيانًا بمثابة إخبار لتحريك القضاء والقوى الأمنية للتحقيق فورًا بكل القضايا.
يعلم بدران كلّ ما يجري في الفرع الثالث، وهو كان يدير المعركة الانتخابية من مكتبه في الإدارة المركزية لانتخاب ممثل أساتذة كلية الآداب فرع طرابلس ورؤساء الأقسام، وكان مرشحه الدكتور خالد الجندي المقرّب من العميدة سهى الصمد ومن مديرة الفرع جنين شعار، وقد فازت الدكتورة شذى الأسعد بفارق كبير، بصفتها الجامعية وليس السياسية، وذلك في إطار الاصطفاف الذي تكوّن بين أساتذة الجامعة ضدّ رئيسها.
زعم بدران في حديثه إلى قناة الجديد أن الضجة التي حصلت في فرع كلية الآداب في طرابلس سببها خلافات بين الأساتذة في العملية الانتخابية الجارية في الكلية، بينما تبيّن أن الفضائح التي ظهرت لا علاقة لها بالانتخابات وبالتالي كان الرئيس يضلِّل التحقيق بحرفه نحو مكان آخر.
وهنا يجدر الوقوف عند تصريح النائب جهاد الصمد الذي اعتبر أن “استهداف الجامعة اللبنانية يسيء إلى صرح تعليمي مشهود له”، معتبرًا أن لا وجود للتزوير في الجامعة ومتجاهلًا الحقائق التي يكشفها الإعلام بالتتابع، وهذا موقف لا يصبّ إلّا في خدمة طمس الحقيقة في إطار تحالف الصمد الثابت مع الرئيس نبيه بري، ولاعتبارات انتخابية داخل عائلة الصمد كون سهى الصمد تنتمي إلى عائلته، ولهذا حساباته أيضًا، وكلّ من يغطي الفساد هو المساهم الأول في تدمير الجامعة اللبنانية.
لا يمكن الركون إلى ما يقوم به بدران من إجراءات شكلية، فكلّ لجنة يقوم بتعيينها هي خاضعة له بالكامل، وستكون لديها مهمة واحدة هي طمس الحقائق وإنقاذ المتورّطين، لذلك، لا يمكن استنقاذ سمعة الجامعة اللبنانية إلّا بإقالة رئيسها وعميدة كلية الآداب سهى الصمد، ومديرة الفرع الثالث جنين شعار وكلّ من يظهره التحقيق القضائي وليس الداخلي متورّطًا، وهذا امتحان أمام رئاستي الجمهورية والحكومة وأمام وزيرة التربية ريما كرامي ومجلس الوزراء مجتمعًا، إذا أرادوا فعلًا الإبقاء على الحدّ الأدنى لوجود الدولة.
أحمد الأيوبي – نداء الوطن


