يتداول الناس قضية النازحين في لبنان، لكنها ليست القضية أي ليست قضية نازحين ولا حتى قضية إنسانية. وما تنادي به منظمة العفو الدولية، حول قيام الجيش اللبناني بترحيل عدد من الخارجين عن القانون بحسب ما ينص عليه القانون والدستور اللبناني، علماً أن لبنان ليس أكثر ديموقراطية وتقدما اقتصاديا من بعض الدول المتحضرة. لكن هذه المنظمة توجهت الى لبنان وجيشه غير محرجة باتهامات كاذبة حول ترحيل اللاجئين المستحقين للجوء. وهذا الامر استوقفني، بداية لا بد من بعض الوقائع.
لم نر منظمة العفو الدولية تستنكر ما تقوم به الدنمارك منذ عام 2019 حتى اليوم إذ انها قامت بنزع الإقامات من أشخاص يفوق عددهم 300 وإعادتهم إلى سوريا رغما وبالقوة، مع العلم أن هؤلاء الأشخاص ليسوا من أصحاب السوابق ولا مجرمين، ولا يشكلون أي خطر على الأمن القومي، وكانوا يعملون ويدفعون الضرائب.
ومع ذلك قالت الدنمارك: نحن لا نستطيع استقبال المزيد من اللاجئين، وتم تقديم مسودة قانون للبرلمان بعنوان «صفر لجوء». أي لم ولن يستقبلوا أي لاجئ على أراضيهم، أضف إلى ذلك فإن الديموقراطية الأميركية المتقدمة والمتحضرة بشكل أكبر لبنان، فقد شاهدنا كيف تعيد اللاجئين الآتين من المكسيك رغما عنهم وبالعنف وبالقوة. ومن يريد الاستزادة يستطيع أن يشاهد الاخبار التي ما زالت حتى يومنا هذا منشورة على جميع وسائل التواصل الاجتماعي. وهناك اللاجئون الذين يريدون العبور من فرنسا إلى بريطانيا حيث تستخدم ضدهم الشرطة الفرنسية القنابل المسيلة للدموع والكلاب البوليسية والهراوات تارة، الرصاص الحي تارة أخرى إذا اقتضت الضرورة. وكذلك ما يحصل مع اللاجئين بين النمسا والمجر.
أمام كل هذه الوقائع كانت منظمة العفو الدولية تقف متفرجة بصمت، ولم تحرك أي ساكن الا عندما قام الجيش اللبناني بإعادة بعض الخارجين عن القانون والداخلين إلى لبنان خلسة. واتهمت الجيش بالعنصرية والتجاوز على حقوق الإنسان. ولا نعلم لماذا لا يحق للبنان ما يحق للدانمارك وفرنسا واميركا وغيرها من الدول التي لا يسعني ذكرها، وحقهم أن يحافظوا على أمنهم القومي وأمنهم الاقتصادي ولبنان لا يحق له. كما لا يحق له أن يعيد أقل عن عشرين شخصا خارجين عن القانون الى بلادهم.
يبدو أن المسألة ليست مسألة إبعاد نازحين. لقد أصبح واضحاً أنها محاولة لإغراق لبنان في حرب مع النازحين وابتزازه، وكذلك ابتزاز لبنان، علماً أن لبنان بحاجة للدعم الدولي من أموال واستثمارات من الخارج. فيتم الضغط لتوطين ما تبقى من فلسطينيين والسوريين؛ وإلا قيام الحرب مع النازحين؛ أو الموت جوعاً.
وإذ نقول للمنظمات الدولية ولبعض الذباب الالكتروني المدعي الإنسانية، انه ليس من المسموح التطاول على الجيش اللبناني، ومن يحرضون الاخوة النازحين على الجيش وعلى الذين احتضنوهم طوال هذه السنين، عليهم أن يتذكروا أن لبنان ليس كباقي الدول التي تملك المساحات، ولبنان صغير المساحة والكبير بوحدة شعبه (بمسلميه ومسيحيه)، واسترد ارضه وثرواته الطبيعية بالدم، ولم يسترد الأرض والنفط بالسلام. هذا الوطن الصغير حارب أعظم جيش في الشرق الأوسط لم ولن يركع. عليهم ألا ينسوا هذه الأمور وأن يتذكروها جيدا.
في الختام، دعوة للاخوة النازحين أن يتنبهوا للفخ المنصوب، ولمن يتربص بهم ويريدوهم كبش محرقة، ولا بد أن يعودوا الى وطنهم مكرمين. ولبنان وسوريا شعب واحد في وطنين، ولكن لكل بلد قدرة على التحمل. ونحن في لبنان قدرتنا قد نفدت، وندعوهم للعودة الطوعية إلى وطنهم، ولا ينسوا أنهم أصحاب حضارة عمرها الاف السنين.
ونتمنى لمن يريد ببلدنا سوءا والمتربصين به ألا يجرب بأس جيشنا.
ومن باب التوضيح وليس بمورد التبرير، فمن اعادهم الجيش عبر الحدود كان وجودهم في لبنان وجودا غير شرعي، ولم يكونوا لاجئين أو مقيمين شرعيين، وما فعله الجيش اللبناني تفعله كل الدول التي هي أكثر تحضرا وديموقراطية من لبنان. والجيش لم يرحل أي لاجئ أو مقيم بشكل شرعي؛ والجيش والقوى الأمنية هم وحدهم من يقررون مصلحة الأمن القومي وحماية حدود البلاد وهذا ما تفعله كل الدول ووفق الشرائع والقوانين الدولية.