الانحسار الآني لموجة التهديد بتوسّع الحرب الإسرائيلية على لبنان وحزب الله لا يعني أن لبنان لم يعد في قلب العاصفة. ثمة فارق كبير بين التلويح بحرب على قاعدة الردود والردود المتبادلة إثر عملية الضاحية الجنوبية، والرغبة الإسرائيلية في نقل الصراع مع حزب الله إلى مستوى آخر، واغتنام فرصة لن تتكرر لـ«حل مسألة الحزب» لمرة أخيرة، إذ إن توصيف الحرب الدائرة جنوباً كحرب إسناد بالنسبة إلى حزب الله، لا تعترف به إسرائيل التي تتعامل مع ما يجري على أنها حرب ترتفع وتيرتها وتخفّ بحسب المقتضيات العسكرية والأمنية والسياسية المتعلقة بها وبحجم المساندة الأميركية المفتوحة لها، ولا يستبعد احتمال نقلها في أي مرحلة إلى نوع مختلف من الحروب التي قد لا يكون لبنان شهد مثلها بخلفياتها وأهدافها، إن لم تنضج المفاوضات الأميركية – الإيرانية وتستقر على أثمان مقبولة، وحين تصبح اللحظة مناسبة لوضعيتها العسكرية، في ظل حشد أميركي هجومي متأهّب لمساعدتها.تتقاطع معلومات غربية مع قراءة تداعيات وقف الاندفاعة نحو الحرب، ليس فقط أميركياً وإسرائيلياً، إنما أيضاً من جانب إيران وحزب الله. وإذا كانت طهران أكدت منذ البداية عدم رغبتها في توسّع الحرب، فإن إسرائيل كرّرت في رسائلها رفضها كذلك. لكنها كانت – ولا تزال – متمسّكة بمفصل أساسي يتعلق بمستقبل حضور حزب الله على الحدود الشمالية. ما تبدّل في الأيام الأخيرة ليس انقلاب موقف إسرائيل تجاه الحزب، إنما درس أعمق لانعكاس توسّع الحرب على المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية قبل الانتخابات الأميركية، ومراعاة لأوضاع سكان الشمال، وما حقّقته إسرائيل حتى الآن بما تعتبره غضّ نظر عربي ودولي لمصلحتها.
المصدر – الأخبار