ساعات قليلة وتنقضي مهلة العام على تعليق العمل بأحكام قانون سرية المصارف من دون أن يبدأ التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. باب الأمل الذي فتحه القانون 200/2020 الصادر في 29 كانون الأول 2020 أقفله تلكؤ “المركزي” في تقديم كل البيانات المالية المطلوبة، وعدم بذل الحكومة أيّ جهد لإجراء تدقيق على أيّ من الوزارات والإدارات والمؤسّسات العامّة الأخرى كما اقتضى القانون.
وعلى الرغم من تجديد العقد مع الشركة في 17 أيلول 2021، بعدما كانت الشركة قد انهته من طرف واحد في 27 تشرين الثاني 2020، ظل هناك العديد من المستندات والبيانات الناقصة. من جهته وعد “المركزي” في كتاب أودعه وزارة المالية في مطلع هذا الشهر بتلبية طلبات الشركة بما يسمح به القانون. بيد أن تسليم هذه البيانات، والتي منها حسابات مستخرجة من النظام المصرفي الأساسي، وتفاصيل حركات حسابات الموظفين، ومحاضر اجتماعات المجلس المركزي قد يصبح مستحيلاً بعد عودة السرية المصرفية غداً الأربعاء.
في الأثناء أسقط مجلس النواب صفة العجلة عن اقتراح نواب “الجمهورية القوية” تمديد العمل بالسرية المصرفية إلى حين انتهاء الشركة من أعمال التدقيق في 7 كانون الأول الحالي، وعليه أصبح من المتوقع ان تدعي شركة “ألفاريز” مرة أخرى عجزها عن الوصول إلى المعلومات اللازمة لتنفيذ مهمتها، وبالتالي “بمجرد انتهاء هذه المهلة المذكورة سوف يكون مصرف لبنان محرراً من أي التزام بتقديم معلومات إضافية إذا وجدت “ألفاريز” أن بعض المعلومات ناقصة أو غير كافية”، بحسب دراسة قانونية بحثية للمحامي كريم ضاهر تحت عنوان (الحوكمة السيئة: الاتفاقية مع ألفاريز ومارشال نموذجاً). “كما تمنع أحكام العقد “ألفاريز” من الوصول المباشر إلى المعلومات، بحيث توجد هناك إشارة واضحة إلى القوانين الإلزاميّة والنظام العام، وخصوصاً قانون السريّة المصرفيّة الصادر في (03/09/1956)، وقانون النقد والتسليف (المادتان 44 و151). كما يعتبر العقد أنّ موجب الالتزام بالقوانين اللبنانيّة هو شرط جوهري لإبرام العقد. بنتيجته، لا تتحمّل “ألفاريز” أي مسؤوليّة إذا شكّلت هذه القوانين عائقاً أمام أداء مهمّتها، وإذا كان الوصول إلى الوثائق والدخول إلى مقرّ مصرف لبنان محظوراً عليها”.
في المحصلة يتجلى بوضوح من خلال تقييم الأحكام التعاقديّة، بحسب ضاهر أنّ “جميع أطراف العقد (الدولة، ومصرف لبنان، وشركة A&M) قد رتّبت الموجبات التعاقدية أو أقله تكيّفت معها بما يتيح عدم تحميلها أي مسؤولية في حالة عدم التعاون أو الحصول على نتائج مُقنعة، من خلال الالتزام بموجبات وسيلة (قيامهم بأفضل المساعي لتنفيذ موجباتهم) ومع الحرص على ربطها بالقوانين اللبنانيّة السارية المفعول (وهي ملتبسة للغاية ومقيّدة لهذه الجهة). وذلك، كما لو تمّ الاتفاق ضمنياً ومسبقاً على تقديم تقرير شكلي فقط لن يوصِل إلى توجيه أي اتهام أو تجريم (المواد 1 – ب، و2 – و، ز). رغم ذلك، كان من الأفضل إشراك مصرف لبنان بشكل مباشر كطرف في العقد، لإلزامه بتطبيق أحكامه ومساءلته في حال التقاعس أو رفض التعاون أو التنفيذ. إنطلاقاً مما تقدم يبدو أن انسحاب شركة “ألفاريز” قد يكون مسألة أيام بعد انتهاء العمل بأحكام السرية المصرفية… وعلى “التدقيق” السلام.