إنضمّ “البنج” أمس إلى باقة المواد الحيوية المقطوعة في البلد، مع الإعلان عن وقف تسليم المستشفيات أدوية التخدير من عدة أصناف، ما سيؤثر بشكل مباشر على إجراء العمليات الجراحية للمرضى، بينما تواصل السلطة عمليات تقطيع أوصال البلد وتعميق جراح مواطنيه بلا مسكنات ولا “مورفين”… أللهمّ ما خلا طمأنة وزارة الصحة اللبنانيين خلال الساعات الأخيرة إلى العمل على استبدال “المورفين” المقطوع بدواء بديل يقع “ضمن الفئة العلاجية نفسها”.
ولأنّ الوضع اللبناني بات يرثى له تحت سطوة الزمرة الحاكمة، شكلت العودة الخليجية إلى بيروت جرعة “أوكسيجين” تهدف إلى مدّ شعبه بمساعدات حيوية اجتماعية تعينه على الصمود في مواجهة الأزمة، من خلال الصندوق السعودي الذي جرى الإعلان عنه بالتعاون مع فرنسا لتقديم الدعم الإنساني للبنانيين وتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي لهم، وفق آلية بدأ العمل على تنفيذها من دون مرور هذه المساعدات عبر أي من القنوات الرسمية للدولة ومؤسساتها لافتقارها إلى معايير الثقة والشفافية. وتحت هذا العنوان العريض وضعت مصادر مواكبة لهذا الملف حركة السفير السعودي وليد بخاري منذ استئناف مهامه الديبلوماسية في لبنان، موضحةً أنّ جولته على المسؤولين تندرج تحت السقف “البروتوكولي البحت”، وأنّ زيارته قصر بعبدا أمس ولقاءه رئيس الجمهورية ميشال عون على مدى “ربع ساعة” يأتيان في هذا السياق “لتأكيد المؤكد لناحية حرص المملكة العربية السعودية على الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني في محنته بمعزل عن الموقف من الطبقة السياسية في البلد”.
وعلمت “نداء الوطن” أنّ السفير السعودي عمد خلال “اللقاء البروتوكولي” مع عون إلى اطلاعه على آلية عمل الصندوق السعودي – الفرنسي المشترك المخصص لتقديم الدعم الإنساني في لبنان، فضلاً عن إبداء المملكة استعدادها لتفعيل العلاقات المشتركة بما يصب في مصلحة الشعب اللبناني ومساعدته في الظروف الصعبة التي يمرّ بها. في حين نقلت مصادر مقربة من دوائر الرئاسة الأولى لـ”نداء الوطن” أنّ اللقاء خيّمت عليه “أجواء ودّية لا سيما وأنّ السفير بخاري بادر إلى تقديم المعايدة لرئيس الجمهورية لمناسبة قرب حلول عيد الفصح المجيد”، مبديةً أملها بأنّ تحمل عودة السفراء الخليجيين إلى بيروت “مؤشرات مستقبلية حول عودة الاحتضان العربي والخليجي للبنان اقتصادياً ومالياً ومد يد العون له في هذا الزمن الصعب، كما كان دأب أشقائه العرب على مر الحقبات والأزمات اللبنانية الماضية”.
بدوره، أعرب السفير الكويتي عبد العال القناعي خلال زيارته السراي الحكومي أمس عن أمل بلاده بأن “تزول الضائقة التي يمر بها لبنان الشقيق”، لافتاً إثر لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى أنّ “عودة العلاقات الدبلوماسية وعودة السفراء (الخليجيين) هي مؤشر الى نجاح المبادرة الكويتية”، انطلاقاً من القناعة المشتركة بين البلدين بأنّ “التاريخ والمصير اللذين يجمعانهما هما أعلى وأهم من كل شيء”، متمنياً أن يكون ما حدث في الفترة السابقة “غيمة عابرة” تليها انفراجات تؤدي إلى “مزيد من التقارب والتعاون”.
وتزامناً، استرعى الانتباه أمس التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية حول “حقوق الإنسان”، بحيث أضاءت فيه على “وجود فساد رسمي خطير رفيع المستوى وواسع النطاق” في لبنان، مفندةً معلومات موثوقة حيال “التدخل السياسي الخطير في الجهاز القضائي والشؤون القضائية، وفرض قيود خطيرة على حرية التعبير والإعلام، بما في ذلك العنف والتهديد بالعنف أو الاعتقالات أو الملاحقات القضائية غير المبررة ضد الصحفيين”، ولفتت في سياق التقرير إلى أنّ “المسؤولين الحكوميين تمتعوا بقدر من الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان، ويشمل ذلك التهرب من العمليات القضائية أو التأثير عليها”، موضحةً أنّ هناك “تقارير من جماعات حقوق الإنسان تؤكد أن الحكومة أو وكلاءها ارتكبوا جريمة قتل تعسفية أو غير قانونية”، بالإضافة إلى المعلومات التي تشير إلى أنّ “كيانات غير حكومية مثل “حزب الله” وميليشيات فلسطينية غير حكومية تدير مرافق احتجاز غير رسمية”، فضلاً عن “حالات قتل لمنتقدين بارزين لـ”حزب الله” في لبنان”.
وتوازياً، عمّم برنامج “مكافآت من أجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأميركية، صورة أحد رجال الأعمال اللبنانيين، محمد ابراهيم بزي، المتهم بإدارة أعمال تجارية في غامبيا بقيمة ملايين الدولارات لصالح “حزب الله”، عارضةً مكافأة مالية تصل إلى 10 ملايين دولار لأي شخص يدلي بمعلومات حول النشاط الذي يقوم به بزي ضمن هذا الإطار.