الانفجار الأمني … حتماً!!

Share to:

الديار – نبيه البرجي

«لا شيء على الاطلاق يحول دون الانفجار الأمني بقوة الأشياء، (La force des choses) كامتداد للانفجار السياسي، وللانفجار المالي والاجتماعي».

هذا ما تراه مرجعية سياسية تتقاطع عندها معلومات الداخل ومعلومات الخارج، لتضيف أن «الرفض اللامنطقي للحوار كسبيل وحيد وأخير للتفاهم، ولو تفاهم الحد الأدنى، يؤكد رهان بعض القوى السياسية على السيناريو الخاص باقامة دويلات (لا كانتونات) طائفية».

كل ذلك بالرغم من المساحة التي بالكاد، يمكن أن تكون مرقدأ لعنزة، وبالرغم من التداخل الديموغرافي الذي لا بد أن يستتبع صدامات دموية تنتقل عدواها حكماً، الى سائر المناطق. انها الغرنيكا اللبنانية، في استعادة للوحة بابلو بيكاسو الشهيرة حول الحرب الأهلية الاسبانية.

كل ما يشاع عن مبادرات دولية واقليمية، فقاعات اعلامية. أميركا وأوروبا في مكان آخر، حتى لتبدو القوى العظمى لكأنــها أمام أزمات وجــودية. دول الاقــليم، ســواء كانت عربيــة أم غير عربية، يعنيها توظيف أي خطوة نحو الهاوية لأغراض جيوسياسية وحتى لأغراض قبلية!

اذاً، لبنان كدولة، عار تماماً من أي رعاية، أو من أي وصاية دولية . كثيرون ينتظرون أشلاءنا، وليس فقط جثثنا ـ وكما تقول المأثورة الصينية ـ على ضفة النهر، حين نبلغ تلك النقطة التي يأكل فيها الجميع الجميع، اذا استمرت العملة الخضراء في جنونها، واذا استمرت الطبقة السياسية في دوارها و … دورانها .

المرجعية السياسية تعتبر أن المشكلة الآن في القيادات المسيحية، التي لا تعي أن أي تسيّب أمني يهدد وجود المسيحيين، اذا لاحظنا كيف تمكنت ثقافة تورا بورا من اختراق الكثير من الرؤوس ومن اللحى، حتى أن أوساط الكي دورسيه تحذر من أفغنة لبنان، أي فتح الأبواب أمام البرابرة الذين يراهنون أيضاً على انفجار أمني في سوريا لتتكامل عناصر الغرنيكا.

ماذا يمكن للمؤسسة العسكرية وللمؤسسات الأمنية، أن تفعل اذا ما وقع الانفجار (حكم العصابات) في مختلف المناطق، وهي التي تعاني بدورها، من الضائقة الرهيبة ودون أن تكفي المساعدات الآنية والمتقطعة لحل المشكلة، ولا سيما أن المعلومات تشير الى أن الفوضى لن تقتصر على فوضى البنادق. هناك أكثر من جهة حزبية تشتري الأسلحة الفتاكة، وتقوم بتخزينها…

وكنا قد اشــرنا الى كلام زير الداخلية السابق اللواء محــمد فهــمي حول وجود نحو 7000 منظمة غير حكومية، نصــفها على الأقل يدار من قبل أجهزة استخباراتية، وتنشط على أرضنا. أي دور سيكون لتلك المنظمات ان داخل الطوائف، أو داخل مخيمات النازحين كقنبلة فيالخاصرة؟

أكثر من تحذير داخلي، وربما خارجي أيضاً، نقل الى القيادات المسيحية، بتلك النرجسية المروعة، بوقف اللعب بالنار التي يمكن أن تحرق الجميع، حتى أن رسائل وصلت الى الفاتيكان، وبعضها من الاليزيه، بدعوة تلك القيادات الى عدم المغامرة بالوجود المسيحي، في حين تظن أن هذا النوع من المغامرة هو الطريق المثلى للوصول على حصان أبيض الى رئاسة الدولة.

هذا دون أن يخفى على أحد، وفي ظل التعبئة الطائفية العمياء، أن هناك جهات داخلية «معنية» بازالة التأثير المسيحي، أو حتى الوجود المسيحي، ان في رئاسة الجمهورية، أو في بعض المواقع الأساسية في الدولة، ما يفترض والحال هذه، أن تعي القيادات اياها مسؤوليتها في هذه الأيام الخطرة، وتحد من الصراع العبثي والمستميت حول القصر.

المرجعية السياسية لا تستبعد، اذا بقي الوضع على تدهوره، وأيضاً على تصدعه، خصوصاً بين القوى المسيحية، أن يبقى القصر خالياً والى الأبد، حتى ان أحد المقاولين لم يتورع عن القول أنه مستعد لشرائه، وتحويله الى فندق فاخر داخل غابة الصنوبر.

لا مجال لنصف الكلام، وكم نعاني من أنصاف الرجال الذين يذهب بهم الخيال ـ الخيال الدونكيشوتي أو الخيال المكيافيلي ـ حد التصور أنهم أنصاف الآلهة.

المشهد أكثر من أن يكون خطراً، وسط لامبالاة المنظومة السياسية التي اذ لا سبيل الى تغييرها، لا خيار أمام القوى المختلفة سوى الحوار، والاّ وقعنا جميعاً في لعبة التقاطع بين لعبة الأمم ولعبة القبائل . جثث وتذروها الرياح. هذه المرة… رياح الدم!!

Exit mobile version