صدر عن نقابة المعلمين في المدارس الخاصة البيان الآتي:
١- منذ أشهر ونحن نبحث عن مقوّمات لصمود المعلّمين في المدارس الخاصة، ونحاول الابتعاد عن التصعيد والإضراب حفاظًا على العام الدراسي وعلى القطاع التربوي الخاص، ونحن نعلم تمام العلم أن المعلم غير قادر على الصمود ويستمر كما ذكرنا أكثر من مرة بـ”اللحم الحي”. معظم المهن والوظائف أصبحت بحكم الشلل التام، في القطاعين الرسمي والخاص، إلا المعلم الذي يستمر بأداء رسالته خمسة أيام في الأسبوع، وبدوام كامل، وبالأداء نفسه. لم نترك مبادرة إلا وتلقّفناها بإيجابية، سواء مع الدولة أم مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، وعقدنا أكثر من اجتماع معهم، وطالبنا بالحد الأدنى، مع العلم أن الأمور كانت تذهب معيشيًا نحو الأسوأ، ارتفاعًا غير مسبوق بسعر صرف الدولار، وارتفاعًا غير معقول بأسعار السلع الأساسية وتحديدًا المواد الغذائيّة وصفيحة البنزين وكلفة الكهرباء (المولدات والدولة) وطبعًا فاتورة الخلوي. ومع ذلك لم نلق إلا بعض التجاوب من بعض المدارس التي بادرت إلى دفع الزيادات، فيما بقيت الأغلبية تتعامل مع المعلمين كأن سعر صرف الدولار لا يزال ١٥٠٠ ليرة وكأن سعر صفيحة البنزين والكهرباء والخلوي لا يزال كما كان عليه قبل شهر تشرين الأول ٢٠١٩، فلا زيادات بالدولار ولا بدلات نقل تواكب الارتفاع بأسعار المحروقات. انتظرنا مبادرة بالحد الأدنى من اتحاد المؤسسات الخاصة، فتنصّل من مسؤولياته ولم يصدر أي بيان للأسف، أقلّه في عيد المعلم، يكون على مستوى الأزمة والتحديات، لا بل ترك المعلم من دون أي مبادرة جديّة لمساعدته على الاستمرار في هذا الظرف. طالبناه بموقف على قدر التحديات فللأسف لم يستجب لمطلبنا، وكأنّه غير معنيّ بمشاكل معلميه وهمومهم في هذه الظروف الاستثنائية، لذلك نقول وبالفم الملآن: لم يكن اتحاد المؤسسات على قدر المسؤولية في هذا الظرف، ولم يتجاوب مع نداءاتنا، ولم يستطع الالتزام بالحد الأدنى من الاتفاق بيننا وبينه في الاجتماع الأخير، حتى أصبح بحكم “الغائب عن السمع”. واليوم لبينا دعوة وزير التربية عباس الحلبي إلى اجتماع مع الاتحاد، لكنّ أحدًا من مسؤوليه لم يشارك في اللقاء، في إهانة لكل معلم في المدرسة الخاصة وللمرجعية التي دعت إلى الاجتماع.
٢- إزاء هذا الواقع، وما عرضناه أعلاه، تعلن نقابة المعلمين، وبعد انسداد الأفق أمام أي طرح جدي مع اتحاد المؤسسات في ظل غيابه عن السمع، وبما أن الحكومة لم تستمع إلى مطالبنا بصرف منحة العشرة مليارات لصندوق التقاعد في المدارس الخاصة، وفيما بلغت معاناة المتقاعدين حدًّا مهينًا ومذلًا لنا ولهم ولكرامة الإنسان في لبنان، وفيما لم تبادر حكومة تصريف الأعمال إلى مساعدة المعلم في القطاع الخاص، وصبّت كل اهتمامها في دعم المعلم في القطاع الرسمي، فأعطته راتبه ضرب ٣ وعلى صيرفة ليصبح بقيمة ستة رواتب، مع مساعدة بالدولار، تضاف إليها خمسة ليترات بنزين في اليوم، لتترك المعلم في القطاع الخاص تحت رحمة إدارات بعضها لا يرحم ولا يعرف من الرحمة شيئًا، فيدفع بالليرة اللبنانية، أو يضيف من الدولار فتاته، ومن بدلات النقل ما يحلو له بالليرة اللبنانية ومن دون معايير واضحة، حتى أصبح المعلم في القطاع الخاص شبه متطوّع في بعض المدارس، يتقاضى ما لا يمكن اعتباره راتبًا، ومن دون مراعاة لكرامته ولا هيبته أمام المتعلمين، ومن دون أن يتمكّن من تأمين معيشة لائقة لعائلته، أو ضمان استشفائي لهم، وفي سابقة لم تحصل في تاريخ القطاع التربوي الخاص، أن يصبح المعلم متسولًا في مجتمعه، وكي لا نكون متنازلين عن كرامتنا طوعًا، ولأنّنا نعلّم أبناءنا أن يطالبوا بحقوقهم حتى الرمق الأخير، بجبين عال، ولأن حق عائلاتنا مشروع بحياة كريمة، ولكي نقول “لا” لهذه الجريمة التي ترتبكها الدولة في حقنا، ولكي نرفض هذا الموت البطيء، ولجميع الأسباب أعلاه، تعلن النقابة عن عجز المعلمين عن الوصول إلى مدارسهم يوم غد الثلاثاء ١٤ آذار ٢٠٢٣ في جميع المدارس الخاصة في لبنان والإضراب، بعدما أصبح سعر صرف الدولار على مشارف المئة ألف، وبعدما أصبح سعر صفيحة البنزين على مشارف المليوني ليرة، محذّرين بالقانون من تبعات الضعط على المعلمين في بعض المدارس، على أن يجتمع المجلس التنفيذي لتقييم الوضع بعد ظهر الثلاثاء، واتخاذ الموقف التصعيدي المناسب، مع العلم أننا نتجه إلى الأسوأ في حال استمرار تجاهل مطالبنا من الدولة واتحاد المؤسسات الخاصة الذي نأمل أن يكون على مستوى الكارثة التي تحل بالوطن والمعلمين.