يلزم الإسرائيليون أنفسهم بتواريخ أو مواعيد محددة، وقواعد وضوابط وشروط، إزاء مقاربتهم لتطورات الوضع على الحدود مع لبنان. هم يصفون تهجير سكان المستوطنات الشمالية بأنه كارثة استراتيجية، وسط انعدام الرؤية الواضحة حول كيفية إعادتهم. لكن المسؤولين هناك يشيرون إلى أن إعادتهم يجب أن تحصل قبل نهاية الصيف. أي مع حلول موعد افتتاح السنة الدراسية.
حرب غزة الطويلة
في المقابل، يعتبر الإسرائيليون أن الحرب على قطاع غزة ستكون طويلة جداً، وليس بالضرورة أن تستمر بإيقاعها العسكري الراهن، إنما بنمط أمني ووفق عمليات موضعية أو ملاحقات واغتيالات. هذا، بالإضافة إلى عدم وجود صيغة حول ما يسعى الإسرائيليون إلى تسميته “غزة ما بعد حماس”، خصوصاً أن حماس لا تزال موجودة، وهي التي تضع الشروط حول كيفية الانسحاب الإسرائيلي وإعادة إعمار القطاع، وفق ما أعلن عنه رئيس المكتب السياسي، اسماعيل هنية.
المعادلة التي تفرضها حماس ترفضها اسرائيل. ما يعني أن هذا السجال الذي سيطول سيؤدي الى إطالة أمد الحرب والمعركة. إذ ستبقي إسرائيل الواقع في القطاع بحالة حربية، وإن أحجمت عن الاستمرار في عمليات التوغل البري والاجتياحات. وعلى ما يبدو، ينجح نتنياهو حتى الآن في أخذ الجميع، بما فيهم الإدارة الأميركية، رهينة لحساباته. وذلك في مواجهة كل الدعوات لإسقاط حكومته والذهاب إلى انتخابات مبكرة في شهر أيلول المقبل، وفق طرح الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، بني غانتس.
السقف الزمني
هناك قناعة لبنانية ودولية بأن مسار الحرب على غزة سيستمر طويلاً، حتى ما بعد معركة رفح. فمصلحة نتنياهو هي إبقاء حالة الحرب والصراع. ولذلك يعود اللبنانيون إلى استذكار الرسائل الأميركية التي أشارت بوضوح إلى وجوب عدم انتظار الحرب على غزة، لأنها قد تطول جداً، ولا يمكن ربط الجبهة في لبنان بالوضع في القطاع، لما سيكون لذلك من آثار سلبية جداً على الواقع اللبناني.
أمام هذا الكلام، يبرز موقف اسرائيل في السعي لإعادة السكان إلى منازلهم قبل نهاية الصيف، وكأن ذلك يحدد سقفاً زمنياً إما للوصول إلى الحل السياسي والديبلوماسي أو حلول لحظة الحرب الموسعة مع حزب الله. خصوصاً أن الوزيرين بني غانتس ويوآف غالانت يقولان إن الحرب مع حماس ستستمر طويلاً، ولكن في ظل استمرارها يجب التركيز أيضاً على الوضع في الشمال وضرورة العمل لتغيير الواقع العسكري فيه.
منسوب الخوف في بيروت
تندرج هذه المواقف في خانة التصعيد الواضح بهدف رفع منسوب الضغط على لبنان وحزب الله، لكن الردّ جاء سريعاً على لسان أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، الذي قال إنه على الرغم من كل الضغوط والتهديدات وعمليات التخويف من أجل توقف جبهات الإسناد، إلا أنها لم تتوقف ولا تزال مستمرة بعملها.
وفي ظل التصلب بالمواقف، وما ينقل عن أن لا زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، طالما أن ظروف التفاوض غير ناضجة بعد، ومعلّقة بانتظار الوصول إلى هدنة أو وقف إطلاق النار في غزة.. يرتفع منسوب المخاوف في بيروت، باعتبار أن الإسرائيليين أصبحوا محرجين جداً امام معادلة تهجير سكان المستوطنات، وأنهم بحال لم يتمكنوا من الوصول إلى حلّ ديبلوماسي مع ضمانات واضحة، فإنهم سيكونون بصدد العمل على توسيع العمليات العسكرية ونطاقها، وربما الانتقال إلى مستوى أيام قتالية مكثفة مع لبنان، لضرب بنك أهداف محددة، في سبيل الضغط على حزب الله للقبول بالتفاوض وترتيب حل يتيح عودة سكان المستوطنات.
في لبنان، منسوب الخوف يرتفع، بمعزل عن الردّ الإيراني المنتظر وحجمه ومداه وأفقه. ومن يتخوف يعتبر أن السقف الذي يضعه الإسرائيليون سيكون محرجاً لهم، وسيؤدي إلى توريطهم في معركة كبيرة وربما بحرب واسعة.